
برلين (المانيا)، 05 يونيو 2025 (واص) - دعت الناشطة الصحراوية البارزة مينتو حيدار، خلال زيارتها إلى العاصمة الألمانية برلين، المجتمع الدولي إلى كسر الصمت حيال ما يتعرض له الشعب الصحراوي من قمع واضطهاد في الأراضي المحتلة من الصحراء الغربية، مؤكدة أن معاناة الصحراويين يجب أن تجد لها آذانا صاغية بعد عقود من الإهمال الدولي.
جاءت زيارة حيدر بدعوة من الرابطة الدولية لحقوق الإنسان ومنظمات داعمة للقضية الصحراوية، للمشاركة في ندوة حقوقية أقيمت في "دار الديمقراطية وحقوق الإنسان" ببرلين، وركّزت على ذكرى مخيم "كديم إيزيك" الشهير عام 2010، الذي شكل انطلاقة للربيع العربي، مثلما ركزت على الوضع المقلق للمعتقلين السياسيين الصحراويين، القابعين في سجون الاحتلال منذ أكثر من 15 عامًا.
وفي حديثها لصحيفة "يونغه فيلت" اليوم الخميس، وصفت حيدار الأوضاع في الصحراء الغربية المحتلة بأنها خانقة، حيث لا يسمح الاحتلال المغربي بحرية الرأي، حيث يبقى التظاهر وتأسيس الجمعيات محظوران. ومن يرفع صوته يتعرض للتعذيب والسجن والقمع، ولا يقتصر الأمر عليه وحده، بل يمتد إلى عائلته أحيانًا. القضاء غير مستقل، بل منحاز للاحتلال. كثيرًا ما تُصدر أحكام سجن طويلة وجائرة بحق المتظاهرين. حاليًا يوجد 45 سجينًا سياسيًا صحراويًا، حُكم على العديد منهم بأحكام طويلة تصل إلى 20 عامًا أو حتى السجن مدى الحياة. أكثرهم تضررًا كانوا من منظمي ومشاركي مخيم كديم إيزيك، حيث نالوا أقسى العقوبات. كل هذا يجري وسط تعتيم إعلامي شديد. طُرد أكثر من مئة مراقب دولي – من بينهم أعضاء في البرلمان الأوروبي – أو مُنعوا من الدخول أساسًا. ورغم ذلك، تصل بعض المعلومات إلى الخارج، لكنها نادرًا ما تجد من يستمع إليها.
وأعربت الناشطة الصحراوية عن قلقها العميق من إمكانية تصاعد العنف، مشيرة إلى أن اليأس يتزايد لدى الشباب الصحراوي الذين لم يروا أي أفق سياسي حقيقي منذ وقف إطلاق النار الذي تم خرقه عام 2020 من طرف المغرب، ما خلق قناعة متنامية بأن الكفاح المسلح هو السبيل الوحيد المتبقي بعد أكثر من ثلاثة عقود من الجمود من قبل المجتمع الدولي والأمم المتحدة – منذ اتفاق وقف إطلاق النار عام 1991 الذي خرقه المغرب في 2020، وكان من المفترض أن يعقبه استفتاء لتقرير المصير لكن المغرب عرقل ذلك.
وانتقدت حيدار بشدة زيارة وزيرة الثقافة الفرنسية، رشيدة داتي إلى الأراضي الصحراوية المحتلة، ووصفتها بأنها "خدمة للدعاية المغربية"، بعدما تجاهلت كليًا معاناة الشعب الصحراوي، ولم تزر أي من المناطق الصحراوية المحتلة أو معتقلات الناشطين السياسيين.
ورفضت حيدار ما يسمى بـ"خطة الحكم الذاتي المغربية"، واعتبرتها التفافًا على حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، مطالبة الحكومة الألمانية الجديدة بالالتزام باحترام الشرعية الدولية والضغط من أجل تنظيم استفتاء حر وعادل في الصحراء الغربية.
وأبرزت أن النزاع بحاجة ماسة إلى حل. عندما أرى ما يحدث حاليًا في غزة، يتملكني القلق من أن يتكرر الشيء نفسه في الصحراء الغربية.
كما وجهت حيدار رسالة إلى الأحزاب السياسية والنقابات والمنظمات الألمانية، داعية إياها إلى مزيد من التضامن مع الشعب الصحراوي. كما حذّرت من أن الجدار المغربي، الذي يقسم الصحراء الغربية ويخضع لحراسة عشرات الآلاف من الجنود، تسبب في "مأساة إنسانية عميقة" لا تحظى بالتغطية الإعلامية الكافية.
مثلما وجهت رسالة الى الحكومة الالمانية الجديدة، داعية إياها الى ضرورة الالتزام بالقانون الدولي في الصحراء الغربية. مؤكدة أن احترام حق الصحراويين في تقرير المصير هو الحل الوحيد للوضع. وإن أي اقتراح آخر لا يحترم هذا الحق، يزيد النزاع تعقيدًا ويؤخر حله. فالصحراء الغربية تُعد آخر مستعمرة في أفريقيا، وتُصنفها الأمم المتحدة على أنها إقليم في انتظار تصفية الاستعمار منه. يجب على الحكومة الألمانية أن تلتزم بالأسس القانونية الدولية من أجل تحقيق سلام دائم. هذا الحق لنا كما هو لأي شعب آخر.(واص)