برلين (ألمانيا)، 21 نوفمبر 2025 (واص)- ضمن فعاليات أسابيع التضامن مع المقاومة الصحراوية في ألمانيا، شهدت مدينة برلين مساء الخميس عرضًا خاصًا للقصة المصوّرة "Genug gewartet" (كفى انتظارًا)، التي تروي فيها رسامة القصص المصوّرة فاين تجربتها خلال زيارتها إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين في تندوف جنوب غرب الجزائر، وتُبرز جذور النزاع حول الصحراء الغربية الممتد منذ عقود.
وأقيمت الأمسية في معرض ماي غاليري التابع ، ضمن سلسلة من الفعاليات حملت عنوان "50 عامًا من الاحتلال – 50 عامًا من المقاومة"، ونظمتها حركة التضامن مع الصحراء الغربية بألمانيا، بمشاركة واسعة من الجالية الصحراوية والمتضامنين الألمان.
وفي قصتها، تعود الفنانة فاين إلى واحد من أشد مناطق العالم قسوة: صحراء لحمادة الصخرية، حيث يعيش ما يقارب من 200 ألف لاجئ صحراوي منذ نصف قرن. وتشرح كيف تحول الانتظار الطويل، الناتج عن تعطيل المغرب – بدعم من حلفائه الغربيين – للاستفتاء الأممي حول تقرير المصير منذ 1991، إلى حالة من الإرهاق الجماعي.
وتستحضر السيدة فاين في عملها البصري رمزًا ثقافيًا عميقًا لدى الصحراويين: طقوس شرب الشاي التقليدية، لكنها تعيد توظيف هذا الرمز ليعكس قوة الإرادة لا مجرد الصبر. فبدل أن يكون الشاي دلالة على الانتظار، يتحول في سردها إلى إعلان عن لحظة نهوض جديدة، وإلى تأكيد بأن الشعب الصحراوي الذي صبر طويلًا لم يعد في موقع الترقب، بل في موقع الفعل والمقاومة.
وتلا العرض مداخلة إنسانية مؤثرة قدّمتها الناشطة الصحراوية، مينتو حندي من الجالية الصحراوية بألمانيا، حيث شاركت الحاضرين تجربتها كامرأة وُلدت ونشأت في مخيمات العزة والكرامة، مؤكدة أن العيش في تلك الظروف جعل تصور عالم آخر لسنوات طويلة أمرًا غير وارد.
وتوقفت مينتو عند الصور الفوتوغرافية التي وثّقت نضال نساء صحراويات بارزات، والتي احتضنها المعرض على مدار أسبوعين، مؤكدة أن الهوية الصحراوية – رغم محاولات الطمس – أصبحت مصدر فخر للأجيال الجديدة. وأشارت إلى صورة الناشطة المعروفة أميناتو حيدر، الحائزة على جائزة نوبل البديلة، والتي ألهم اسمها الكثير من الفتيات الصحراويات.
ولم يغب عن النقاش التذكير بالزيارة اللافتة التي قامت بها الناشطة البيئية العالمية غريتا ثونبرغ إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين مطلع العام الجاري، حيث عبّرت بوضوح عن تضامنها مع نضال الشعب الصحراوي من أجل الحرية. وقد شكّلت هذه الزيارة رسالة قوية بأن قضية الصحراء الغربية حاضرة في الضمير العالمي، وأن نضالات الشعوب من أجل التحرر — من الصحراء الغربية إلى فلسطين — تلتقي في جوهرها عند المطالبة بالعدالة ورفع الظلم وبناء مستقبل يستند إلى حق الشعوب في تقرير مصيرها.

واختتمت الأمسية وسط تأكيد المنظّمين على أن أسابيع التضامن في ألمانيا ليست مجرد أنشطة تضامنية عابرة، بل فعل مقاومة مدنية يهدف إلى إبقاء القضية الصحراوية في صدارة الوعي الأوروبي وتذكير حيّ للعالم بأن أطول قضية تصفية استعمار في إفريقيا ما زالت تستنهض الضمائر، وأن الصحراويين، بدعم أصدقائهم والمتضامنين معهم، مستمرون في مسيرتهم حتى انتزاع الحرية وتقرير المصير.(واص)