مدريد (إسبانيا)، 10نوفمبر 2025 (واص)-أكد أساتذة في القانون الدولي وصحفيون إسبان أن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره لا يزال ساريا رغم مرور خمسة عقود على الانسحاب الإسباني، محذرين من أن الاحتلال المغربي لا يقتصر على نهب الثروات الطبيعية، بل يمارس قمعا ممنهجا ضد المدنيين والصحفيين، في وقت يعجز المجتمع الدولي عن فرض احترام القانون الدولي.
وأبرزت تصريحات الاستاذ المختص في العلاقات الدولية بجامعة مدريد وعضو الأكاديمية الأندلسية للتاريخ، خوسيه أنطونيو إيتورياكا، في مقال بعنوان "الذكرى الخمسون لتخلي إسبانيا عن الصحراء الإسبانية" نشر على الموقع الإسباني "سيفي انفو" Sevillainfo، الواقع القانوني والسياسي الذي تعرفه القضية الصحراوية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان التي يمارسها الاحتلال المغربي بحق الشعب الصحراوي بالأراضي المحتلة.
وقال الاستاذ، في مقاله، أن تخلي إسبانيا عن الصحراء الغربية سنة 1975 مثل بداية مأساة قانونية وإنسانية لا تزال آثارها مستمرة إلى اليوم، منتقدا بشدة الموقف الرسمي الإسباني الذي يتغاضى عن حقوق الشعب الصحراوي ويمنح غطاء دبلوماسيا لاحتلال قائم على القمع وخرق القانون الدولي.
وأوضح أن بلاده تخلت عن التزاماتها الدولية حين سلمت الإقليم دون استفتاء لتقرير المصير، في انتهاك صارخ لقرارات الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية التي أكدت عدم وجود أي روابط سيادة بين الصحراء الغربية والمغرب.
وشدد إيتورياكا على أن الاحتلال المغربي للصحراء الغربية يواصل ممارسة القمع السياسي ضد الشعب الصحراوي، مستغلا الموارد الطبيعية ومواظبا على شبكات تهريب المخدرات، ما يفاقم معاناة السكان اليومية، مؤكدا أن هذه الانتهاكات تثبت بشكل جلي الحاجة الملحة لدعم حق الصحراويين غير القابل للتصرف في تقرير المصير وفق القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، باعتباره الطريق الوحيد لإنهاء الظلم واستعادة الحرية والاستقلال.
وفي السياق نفسه، تطرق مقال بعنوان "الصحراء الغربية: عقود من المقاومة، الرقابة واستئناف الحرب" نشرته جريدة "السالتو" El Salto الإسبانية، الى الرقابة الصارمة التي يفرضها الاحتلال المغربي على الإعلام ويمنع دخول المنظمات الحقوقية، ما يساهم في إخفاء انتهاكاته وطمس الحقائق.
وأوضح المقال أن ستة صحفيين صحراويين يقبعون حاليا في السجون المغربية بسبب كشفهم مؤخرا الانتهاكات التي يمارسها الاحتلال بحق المدنيين، مؤكدا استمرار القمع الممنهج ضد الصحفيين والنشطاء المدنيين في الأراضي المحتلة بهدف فرض التعتيم الكامل على الأحداث ومنع نقل الحقائق الى الرأي العام.
وأشار المقال إلى أن الشعب الصحراوي لا يزال يرفض الاحتلال علنا ويصر على حقه في تقرير المصير والاستقلال، مستذكرا انتفاضة 2005 المعروفة باسم "انتفاضة الاستقلال", ومخيم أكديم إيزيك عام 2010 الذي جمع أكثر من 30 ألف صحراوي في 8 ألاف خيمة خلال 28 يوما كنوع جديد من العصيان المدني.
وقامت القوات المغربية -يضيف المقال-بمحاصرة المخيم وقطع الغذاء والدواء عنه وأقامت حوله جدارا رمليا, ما أدى إلى وقوع العديد من الجرحى والمعتقلين, بينهم الطفل ناجم الغرحي (14 عاما) الذي قتل برصاص القوات المغربية.
ومنذ تفكيك المخيم، أكدت الجريدة أن سلطات الاحتلال شنت حملات طرد جماعية استهدفت الصحفيين والمراقبين الدوليين وموظفي المنظمات غير الحكومية والبرلمانيين، في انتهاك واضح للقانون الدولي.
وفي ظل غياب وسائل الإعلام الدولية، أسس نشطاء صحراويون عام 2009 شبكة إيكيب ميديا لكسر الحصار الإعلامي، مستخدمين وسائل التواصل الاجتماعي ليكونوا مصدرا للمعلومات لوسائل الإعلام الأجنبية والمنظمات الحقوقية.
ويعمل الصحفيون في ظروف بالغة الخطورة، متحدين الاعتقالات التعسفية ومضايقة عائلاتهم والتعذيب وأحكام السجن التعسفية، حيث يقضي ستة صحفيين أحكاما قاسية في السجون المغربية، من بينهم عبد الله لخفاوني (المؤبد) وحسن داح (25 سنة) , إضافة إلى محمد لمين هدي الذي اعتقل بعد تفكيك المخيم لمجرد مرافقته طبيبتين بلجيكيتين لتقديم المساعدة للضحايا المدنيين.
وأدانت منظمة "مراسلون بلا حدود -فرع إسبانيا" سياسة الطرد الممنهجة التي يمارسها المغرب ضد الصحفيين الأجانب في الصحراء الغربية، مؤكدة أن الأرض لا تزال غير متمتعة بالحكم الذاتي وتنتظر تصفية الاستعمار. (واص)