أربعة مقررين أمميين خاصين يدينون اضطهاد المغرب للمدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان

4 UN  HR rapporteurs
جمعة 19/09/2025 - 21:46

جنيف (مجلس حقوق الإنسان الأممي) 19 سبتمبر 2025 (واص) – وجّه أربعة مقررين خاصين تابعين للأمم المتحدة رسالة شديدة اللهجة إلى سفير المملكة المغربية، أعربوا فيها عن قلق بالغ إزاء استمرار اضطهاد المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان، وبالأخص حالة السجين السياسي الحسين البشير إبراهيم (الحسين أمعضور) وشقيقته الناشطة سكينة أمعضور.

الرسالة المؤرخة في 17 يوليو 2025 وقّعها كل من ماري لولور، المقررة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، إيرين خان، المقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، تلالينغ موفوكينغ، المقررة الخاصة المعنية بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية، ومارغريت ساترويت، المقررة الخاصة باستقلال القضاة والمحامين.

وشدد المقررون الأربعة على أن هناك انتهاكات خطيرة للقانون الدولي ارتُكبت ضد المدافعين الصحراويين، وأدانوا ما ورد من اخبار عن تعرض المدافعين الصحراويين عن حقوق الانسان للتحرش، والمعاملة المهينة، والإساءات اللفظية العنصرية، وحرمانهم من الرعاية الطبية الأساسية.

وسلّط المقررون الضوء بشكل خاص على التفتيش الجسدي المهين الذي فُرض على سكينة أمعضور أثناء زيارتها لشقيقها المعتقل بتاريخ 19 يونيو 2025، والذي صاحبه تهديدات وإساءات عنصرية من موظفي سجن بويزكارن (مدينة في جنوب المغرب).

كما أشاروا إلى تدهور الحالة الصحية للحسين البشير إبراهيم، وهو قيادي طلابي صحراوي ومدافع عن حقوق الإنسان، يقضي عقوبة بالسجن لمدة 12 سنة صدرت بعد محاكمة مسيسة في 2019. ويُذكر أن المدافع الحقوقي كان قد لجأ إلى إسبانيا، لكن السلطات الإسبانية قامت باعتقاله وتسليمه قسرًا إلى المغرب، حيث تم اعتقاله ومحاكمته.

ويذكّر المقررون الأربعة بأن احتجازه قد اعتُبر احتجازًا تعسفيًا من قبل فريق العمل الأممي المعني بالاحتجاز التعسفي في الرأي رقم 63/2024، الذي طالب بالإفراج الفوري عنه وتعويضه.

ورغم ذلك، أبقت السلطات المغربية على سجنه في ظروف متدهورة، بعيدًا عن أسرته، في زنازين مكتظة وغير صحية، ودون حصوله على العلاج الطبي أو مواصلة دراسته. وتفيد التقارير بأنه يعاني من مشاكل مزمنة في الكلى، وسوء تغذية، وضعف شديد عقب إضرابه عن الطعام في مطلع 2023، بينما حُرم من العلاج في المستشفى ما لم يرتدِ زيًّا خاصًا بمجرمي الحق العام، وهو شرط رفضه لأنه ينتقص من مكانته كسجين رأي.

المقررون الأربعة أوضحوا أن ممارسات المغرب تنتهك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صادق عليه المغرب عام 1979، ولا سيما، المادة 7 التي تحظر التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والمادة 10 التي تفرض معاملة إنسانية للمحرومين من حريتهم، والمادة 12 التي تضمن الحق في الصحة، والمادة 19 التي تحمي حرية الرأي والتعبير.

كما أكدوا أن المغرب لا يحترم القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد نيلسون مانديلا)، التي تنص على ضمان الرعاية الطبية، واحتجاز السجين بالقرب من أسرته، وإجراء عمليات التفتيش للزوار بطريقة تحفظ الكرامة.

وذكرت الرسالة أيضًا أن قضية الحسين أمعضور كانت موضوع ثلاث تدخلات سابقة من الأمم المتحدة ، كما طالبت الحكومة المغربية بتقديم معلومات حول مزاعم التعذيب والتحرش الذي تعرض له وحرمانه من الرعاية الصحية، مع توضيح أسباب تجاهل طلباته بالاحتجاز بالقرب من أسرته، وتفاصيل التحقيقات في معاملة سكينة أمعضور وظروف احتجاز شقيقها، وتدابير ملموسة لضمان أن المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان يمكنهم العمل بحرية والإبلاغ عن الانتهاكات والدفاع سلميًا عن حق تقرير المصير دون خوف من الانتقام.

وأكد المقررون الأربعة أنه ما لم يعالج المغرب هذه القضايا، فإن التزاماته بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان ستظل غير منفذة. كما أوضحوا أن الرسالة، إلى جانب رد المغرب، ستُنشر خلال 60 يومًا على موقع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

وتحمل قضية الحسين أمعضور أيضًا مسؤولية إسبانيا التي سلّمته في 2019 إلى المغرب بموجب اتفاقية ترحيل، رغم نداءات من منظمات حقوقية إسبانية ودولية حذرت من الاضطهاد الذي سيتعرض له. وقد أثبتت الأحداث اللاحقة صحة تلك المخاوف: اعتقال تعسفي، سوء معاملة، وحرمان ممنهج من حقوقه الأساسية.

وجدي بالذكر أن هذا التدخل الأممي ليس الأول من نوعه ضد قمع المغرب للصحراويين. ففي يونيو 2023، دعت ثمانية ميكانيزمات أممية خاصة – من بينهم مقرروْن معنيون بالسكن، والأقليات، والحقوق الثقافية، والاحتجاز التعسفي – المغرب إلى وقف هدم منازل الصحراويين وتراثهم الثقافي، وإنهاء أنماط التمييز والتجريد من الممتلكات في الأراضي المحتلة.

وتُبرز هذه التدخلات المتكررة وجود سياسة منهجية للاضطهاد تنتهجها السلطات المغربية ضد المدافعين الصحراويين، والصحفيين، والطلاب، والمواطنين العاديين الذين يرفضون التخلي عن حقهم في تقرير المصير.

وتمثل الرسالة الأممية الأخيرة تأكيدًا دوليًا جديدًا على الظروف المروعة التي يكابدها السجناء السياسيون الصحراويون، فالتعذيب، والحرمان من العلاج الطبي، وإذلال عائلات المعتقلين، والممارسات التمييزية ضدهم ، كلها تشكّل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي. (واص)

090/500/60  (واص)

Share