الجمهورية الصحراوية تدعو من بانجول إلى الدعم الدولي والأفريقي للتحقيق في ظاهرة الاختفاء القسري في الصحراء الغربية

banjulsession
جمعة 09/05/2025 - 19:59

بانجول (غامبيا) – 09 مايو 2025 (واص)- دعت الجمهورية الصحراوية، في مداخلة قدمتها خلال الدورة الـ83 للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، المنعقدة في بانجول في الفترة من 2 إلى 12 مايو، إلى فتح تحقيق دولي وأفريقي في حالات الاختفاء القسري في الأراضي الصحراوية المحتلة الواقعة تحت الاحتلال المغربي غير الشرعي.

وقد مثّل الجمهورية الصحراوية في هذه الدورة السفير ماءالعينين لكحل، حيث أشار إلى أن الجمهورية الصحراوية "لا تطالب بأقل من كرامة الحقيقة، واستعادة العدالة، ووضع حد للإفلات من العقاب"، كما حثت اللجنة على "إبقاء قضية الاختفاء القسري في صدارة جدول أعمالها في مجال حقوق الإنسان."

وفيما يلي النص الكامل للبيان:

السيدة الرئيسة المحترمة، السادة المفوضون المحترمون، أصحاب المعالي، السادة المندوبون الموقرون، جميع البروتوكولات المتبعة:

ترحب الجمهورية الصحراوية الديمقراطية بتقرير رئيس الفريق العامل المعني بعقوبة الإعدام وعمليات القتل خارج نطاق القانون أو بإجراءات موجزة أو تعسفية والاختفاء القسري في أفريقيا، وتثني على الاهتمام الذي أولاه لمعاناة الضحايا الأفارقة الذين لا يُحصون، والعدد الهائل من القضايا التي لا تزال دون حل.

إن الاختفاء القسري لا يزال واحداً من أفظع وأطول انتهاكات حقوق الإنسان التي يعاني منها الشعب الصحراوي، وهو ناتج عن الاحتلال الاستعماري المغربي المتواصل للصحراء الغربية منذ عام 1975. لقد تركت هذه الظاهرة ندوباً عميقة على الأفراد والعائلات، وأثرت على الهوية الجماعية للشعب الصحراوي، وتشكل جريمة ضد الإنسانية وهجوماً ممنهجاً على حقوق الإنسان وعلى الذاكرة الجماعية.

وبسبب الطبيعة السرية للاختفاء القسري المتواصل منذ عام 1975، في ظل الغزو العسكري وفي ظل المقاومة المتواصلة، يصعب تأكيد الأرقام الدقيقة. ومع ذلك، فإن جمعية عائلات المعتقلين والمفقودين الصحراويين(افابريديسا)  توثق حالات  الآلاف من الضحايا، العديد منهم احتُجزوا في أماكن سرية لعدة أشهر أو لسنوات – بعضهم لأكثر من 17 عاماً.

ويُعد التقرير المؤلف من مجلدين بعنوان: "واحة الذاكرة"، الذي أعده الدكتور كارلوس مارتين بيرستين، الخبير في توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في أمريكا اللاتينية ومناطق أخرى، والدكتورة إلويسا غونثاليث هيدالغو، المتخصصة في دراسات حقوق الإنسان، أحد أوثق التقارير لهذه الظاهرة. فقد عملا على توثيق أكثر من 800 حالة اختفاء بين عامي 1975 و1993، لا يزال حوالي 400 شخص منهم في عداد المفقودين. وبالنظر إلى قلة عدد الشعب الصحراويين، فإن معدل الاختفاء القسري المسجل يُعد من أعلى النسب عالمياً – متجاوزاً الوضع الذي وُثق في الأرجنتين أو تشيلي، ويضاهي سياقات إبادة جماعية مثل حالات غواتيمالا أو تيمور الشرقية، كما أكد الباحثان.

وقد اتبعت هذه الاختفاءات نمطاً وحشياً: اعتقال تعسفي بدون إجراءات قانونية، واحتجاز مطول في مرافق سرية مثل أكدز، قلعة مكونة، أو السجن الشهير "السجن لكحل" بالعيون، مع استخدام كبير للتعذيب. كما حُرمت العائلات بشكل ممنهج من أي معلومات، مما يتسبب في صدمة نفسية مستمرة وفي التفكك الاجتماعي.

ومن بين الأمثلة البارزة، حالة الطفل البشير ولد سلمة الدف، البالغ من العمر 14 عاماً، والذي اختُطف عام 1976 أثناء جلبه الماء لعائلته، ثم لم يُرَ مجدداً، وقد أكدت شهادات الناجين لاحقاً وفاته أثناء الاحتجاز. مثال آخر مروع هو اكتشاف مقبرة جماعية تضم ثمانية من البدو الصحراويين، بينهم اثنان يحملان الجنسية الإسبانية، أُعدموا على يد القوات المغربية. وقد أكدت التحليلات الجنائية أنهم قُتلوا في الوقت ذاته وتم إخفاء جثثهم بشكل متعمد.

إن عواقب هذه الانتهاكات عميقة. فوفقاً لتقرير "واحة الذاكرة"، فإن نحو 63% من الناجين الذين تمت مقابلتهم عانوا من ظروف ترتقي إلى مستوى المعاملة القاسية واللاإنسانية. ويعيش المجتمع الصحراوي في ظل حزن متواصل وخوف مستمر، بينما يشكل غياب العدالة عائقاً أمام أي مصالحة حقيقية أو حل سياسي للنزاع.

وعليه، ندعو اللجنة الأفريقية والمجتمع الدولي الأوسع ومنظمات حقوق الإنسان إلى دعم آليات التحقيق والتعرف على الضحايا وتعويضهم في قضايا الاختفاء القسري في الصحراء الغربية.

إن الشعب الصحراوي لا يطالب بأقل من كرامة الحقيقة، واستعادة العدالة، ووضع حد للإفلات من العقاب. ونحث اللجنة على إبقاء قضية الاختفاء القسري في صدارة جدول أعمالها لحقوق الإنسان. ويسعدني أن أشارك مع المجموعة العاملة على الاختفاء تقارير دولية موثوقة، بما في ذلك الكتاب التحقيقي المكون من مجلدين الذي ذكرته سابقاً، إذا كان ذلك سيسهم في توضيح مدى اتساع هذه الظاهرة في الإقليم." (واص)

090/500/60 (واص)

Share