محمد لمين أحمد لـ جريدة الصحراء الحرة: " الوحدة الوطنية، حاضنة لكل المكاسب وتخليد الحدث وفاء لاستحقاق تاريخي"

جريدة الصحراء الحرة

الشهيد الحافظ، 04 أكتوبر 2023 (واص) - أكد عضو الأمانة الوطنية، رئيس المجلس الاستشاري الصحراوي، السيد محمد لمين أحمد أن الوحدة الوطنية الصحراوية أفشلت سياسات ومؤامرات الاحتلال المغربي، وأذابت خطط الاستعمار وكشفت دناءة اتفاقياته ضد شعبنا .

ففي حوار مع أسبوعية جريدة الصحراء الحرة، غداة الذكرى الثامنة والاربعين لإعلان الوحدة الوطنية، اعتبر عضو الامانة الوطنية للجبهة رئيس المجلس الاستشاري السيد محمد لمين أحمد احياء المناسبة، استحضارا لحدث له رمزيته ودلالته، بل هو وفاء لاستحقاقات تاريخية لها قيمتها الوطنية، مؤكدا في الوقت نفسه أن عقيدة الجبهة الشعبية قائمة على التصدي لكل من تسول له نفسه محاولة المساس من قدسية الاستقلال الوطني.

وقال رئيس المجلس الاستشاري في رده على أسئلة صحفي الجريدة الذين حاوره أن الاطار الصحراوي الواعي بحجم المسؤولية، هو ذاك المناضل الحاضر في كل الميادين، موجها نداء الى المناضلين بجبهة الارض المحتلة من أجل ضحد الخوف وكسر أسوار التعتيم الاعلامي المضروب على المنطقة.

نص الحوار

تحت شعار نصف قرن من الصمود ، إصرار على فرض الوجود ، تخلد هذه السنة كل الاستحقاقات الوطنية ، من هذه الزاوية نستضيفكم الأخ رئيس المجلس الاستشاري الصحراوي ، ونحن نحتفي بالذكرى الثامنة والأربعين للوحدة الوطنية ، حبذا لو وضعتم القراء الكرام في صورة دلالات وأبعاد الوحدة الوطنية الصحراوية ؟

•       شكرا جزيلا لشبابنا في جريدة الصحراء الحرة ، ولزملائهم في المؤسسة الاعلامية ، هذه الجريدة التي حملت لواءها يوم 13 نوفمبر 1975 ، بأسرة تحرير يرأسها المرحوم احمد بابا مسكة رحمة الله علينا وعليه ، متخذة من التنوير والتحسيس والتثقيف ورفع الهمم مادة لتغذية صفحاتها المتنوعة.

وعن سؤالكم ، الوحدة الوطنية مجد لكل الصحراويين ، لا يمكن أن نتحدث عنه دون التطرق للمقدمات ، طبعا منذ مارس 1975 تأكد الصحراويون أن نظام ولد داداه في طريقه الى عقد اتفاق مع نظام الحسن الثاني قصد تقسيم الصحراء الغربية ، وهذا ما أستنتج بشكل واضع في ماي 1975  بعد لقاء الشهيد الولي بالمخطار ولد داداه ، فرأت اللجنة التنفيذين حينئذ أن تكلف كلا من الشهيد الولي والمحفوظ علي بيبا بالتنسيق والاعداد لملتقى يجمع الصحراويين ، يضم الاعيان والوجهاء ، بعد توجيه نداء لكل ابناء الشعب الصحراوي بغية التصدي لكل المؤامرات والدسائس التي تحاك ضد شعبنا ، ففي هذه الاجواء الملبدة بغيوم التكالب الاستعماري وتوسيع نطاقه ببروز التحضير لاتفاقية التقسيم ، كانت الجزائر لديها موقف واضح ضد التقسيم ، وضد القفز على ارادة الشعب الصحراوي ، بل أعلنت دعمها لحق الشعب الصحراوي في الحرية والاستقلال ، مما شجع على التسريع للحدث ، وكانت الجبهة الشعبية وخلال مؤتمرها التأسيسي قد تبنت نظرية نهج محلية من صنع صحراوي لا شرقية ولا غربية ، وهذا عزز الانتماء لدى الصحراويين المتمسكين بخصوصيتهم الاسلامية والثقافية ، وبالتالي كان يوم 10 و11 و 12 موعدا للقاء بتنيلي التاريخي ، الذي وجه دعوة لكل أعضاء من الجمعية والكورطيس وغيرهم ، فلبوا النداء ، ومن لم يحضر منهم بعث مندوبا عنه ، وقد اتفق الجميع على تأسيس وحدة وطنية شاملة لكل الصحراويين ، وتلك محطة تستحق التنويه والوفاء .

هنا لابد من الاشارة الى أن تلك الحقبة التاريخية تميزت بمفارقات تثير الانتباه ، حيث قدمت بعثة تقصي الحقائق تقريرها يوم 15 أكتوبر 1975 ، قبل يوم واحد من تاريخ نشر رأي محكمة  العدل الدولية بلاهاي 16 أكتوبر 1975 ، الذي أكدت فيه أن القوة المسيطرة هي جبهة البوليساريو ، وأن الصحراويين يرفضون الاستعمار بشكل كبير ، وعليه فقد كان نداء الجبهة الشعبية للوحدة الوطنية ردا أسس لتنظيم سياسي يضم كل الصحراويين ، وويوحد توجهاتهم صوب الحرية والاستقلال ، مما تكلل بتوقيع 68 عضوا من أعضاء الجمعية على وثيقة الوحدة الوطنية ببنتيلي ، الشيء الذي فسح المجال أمام تأسيس المجلس الوطني الصحراوي كمؤسسة تشريعية للدولة الصحراوية ، وهي الهيئة التي استقبلها الراحل هواري بومدين استقبالا متميزا منحها ثقة خاصة ، وفي تلك الاثناء كان وزير الداخلية الجزائري انذاك حاضرا فلفت انتباهه وجود أعضاء من الكورطيس ضمن وفد المجلس الوطني الصحراوي ، مما ولد لديه القناعة أن الجبهة الشعبية نجحت في استقطاب كل الصحراويين .

الجبهة الشعبية ومن خلال الوحدة الوطنية فتحت الباب أمام كل الصحراويين للالتفاف حول تصور واحد يقودهم نحو الحرية والاستقلال، فوحدة التصور نجاح، ووحدة التوجه تتويج.

.............................................

 كيف كانت البدايات الأولى لإعلان الوحدة الوطنية ، وكيف ترون ثمارها في الميادين ؟

•       الوحدة الوطنية في حد ذاتها مكسب لا يقدر بثمن ، بل هي مجد لكل الصحراويين ، وثمارها تتجلى في رحيل الصحراويين عن فكر ومخلفات زرعها الاستعمار كي تظل غيمة جهل تخيم عليهم دون وعي ، المجلس الوطني الصحراوي بديل شرعي وقانوني ، وديمقراطي ، الالتفاف من حول الجبهة وتبني نهجها وارتفاع منسوب الثقة في قيادتها عزز روح الانتماء ، رضى الصحراويين بالوحدة الوطنية كبديل لمرحلة حافلة بالتخلف والتشرذم والقبلية ، ارتفاع مستوى الاهتمام بالمصلحة الوطنية ، وتقليص فرص المصلحة الشخصية أطر لمرحلة وعي شامل غنية بتفتق عبقرية الصحراويين .

.........................................

كيف كانت البدايات الاولى لا علان الوحدة الوطنية ، وكيف ترون ثمارها على مستوى كل الميادين ؟

•       طبعا كان هدف الجبهة الشعبية من إعلان الوحدة الوطنية هو أولا توحيد التصورات ، وثانيا توحيد الجهود، وذلك لمواجهة التحديات المصيرية المتمثلة في تأكد البوليساريو من قرب تنفيذ خطة التقسيم بين كل من اسبانيا والمغرب وموريتانيا، والتي ستعلن فيما بعد رسميا ضمن اتفاقية "مدريد المشؤومة" 14 نوفمبر 1975.

وقد لعبت كوادر صحراوية شابة  قيادية  ، مؤطرة في الخلايا والهياكل التنظيمية والسياسية للجبهة الشعبية  دورا رئيسا في تثبيت دعائم الوحدة ونشر قيمها والتوعية بها، ومنهم الشهيد الولي مصطفى السيد ، والشهيد المحفوظ أعلي بيبا وغيرهما...، وذلك عبر تنقلهم والتقائهم بكل الشرائح الصحراوية في مختلف أماكن تواجدات الجسم الوطني ، في كل المدن والمداشر والبوادي الصحراوية، وكذا في المناطق المجاورة  ، وفي جنوب المغرب والشمال الموريتاني ومدينة تندوف الجزائرية.

إضافة للجهود التنظيمية والتأطيرية  وحشد القوة الشعبية والعسكرية  وجمع التبرعات استعدادا لمواجهة المحتل المغربي وحليفه النظام الداداهي بموريتانيا، فقد عمدت الهياكل التنظيمية التي كثفت جهودها عقب إعلان الوحدة الوطنية ،عمدت إلى حل المشاكل البينية بين المواطنين، وكانت بذلك أساسا للبنية القضائية الصحراوية الحالية.

وهنا نذكر ان المعتقلين المدنيين الصحراويين في السجون المغربية  خاصة أكدز ومكونة إبان بدايات الثورة، لعبوا دورا هاما في التثقيف بمقومات الوحدة الوطنية وقيمها وضرورة التشبث بها وكانوا مثلا للتضحية ونكران الذات.

بالعودة للتفاصيل ، الذكرى 48 لإعلان الوحدة الوطنية ، وما أعد لها من تحضير ينطوي على  رسالة سياسية هل هذه الاستثنائية تستجيب لمتطلبات مرحلة  بعينها ؟ أم هي ضرورة ملازمة لكل فعل صحراوي ؟

•       احياء ذكرى وطنية هو استحضار لحدث له رمزيته ودلالته ، هو وفاء لقضايا تستحق القراءة من جميع الجوانب ، فالاهتمام الاول للجبهة الشعبية كان ولا زال هو توحيد التصور ومحاربة الدسائس وكل المؤامرات ، وهؤلاء الشباب الذين أسسوا الجبهة الشعبية كانوا مشبعين برؤية بعيدة ، ولعل أولئك الرجال من لجنة تحضيرية ، وأمناء فروع سرية وعلنية ، كانوا واعين كل الوعي بحجم المؤامرات ، ودقة المرحلة ، وضرورة السرعة في التنفيذ مع الحذر والاحتراز ، وهنا لا بد من الاشادة بالدور الذي لعبته المرأة الصحراوية في التعبئة والتحريض وشحذ الهمم ، واحتضان الجبهة والوحدة وغيرهما .

.........................................

 

الوحدة الوطنية مكسب لكل الصحراويين، ما هي القيم التي أضافها هذا المكسب لقوة الشعب الصحراوي؟

•       الوحدة الوطنية مكسب ساعد الصحراويين على التنظيم وتوجيه الجهود ، الوحدة الوطنية امتداد لجهد وطني غني ، بل هي دعامة قوية للجبهة الشعبية ، والخلاصة التي وقف عليها الصحراويون هي أنهم كانوا في حاجة لنظام موحد يوجه مقاومة الاستعمار والاحتلال.

كيف نعزز قيم الوحدة الوطنية، في ضوء محاولات الاحتلال المغربي وغيره النيل من قدسية المثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي؟

•       نحن نحارب عدوا ملكيا ، وهذا النظام محكوم بتوجهات خارجية ، فالحسن الثاني داهية ، وعرف كيف يواجه ويحارب ، ومحمد السادس محاط بهواة لا يعرفون كيف يديرون شؤون البلاد ، وعقيدة الجبهة الشعبية هي التصدي لكل ما من شأنه المساس من وحدة الشعب الصحراوي ، أو محاولة النيل من معنوياته.

طبيعة الصراع مع القوى الاستعمارية وخاصة النظم الملكية منها، هو أمر يطول، وقد يمتد لأجيال، وفيما يخص الاحتلال المغربي، فإن المعركة معه، يعتبرها معركة القصر المصيرية بامتياز، وسيبذل كل جهوده في إطالتها، وليس هناك وسيلة  للتصدي للمحتل غير قوة عريكة وشكيمة  وتضحيات الجيش الصحراوي الذي هو رهان الصحراويين وهو القادر بإذن الله على مواجهة تلك العنجهية والتجبر والإستدمار المغربي المتغطرس، كما يمكن أن يبزغ بصيص أمل بالحل السياسي، إذا ما توفرت إرادة دولية جامعة من أغلب القوى الدولية المؤثرة لإجبار المستعمر المغربي على الخروج من بلادنا وإنهاء إحتلاله غير الشرعي ، وغير المقبول بتاتا  للصحراء الغربية.

المؤتمر السادس عشر للجبهة الشعبية ، وضع هيئة المجلس الاستشاري أمام مسؤوليات تاريخية ، هل لكم أن تطلعونا على جانب منها ؟

•       المجلس الاستشاري الصحراوي كان محدودا على أعيان تحديد الهوية ، وكان الرئيس الشهيد محمد عبد العزيز قد أصدر مرسوما بهذا التعيين ، والمؤتمر 16 للجبهة الشعبية أقر أنه هيئة استشارية موسعة تضم شخصيات وطنية لها باع طويل ، وتتمتع بسمعة طيبة .

وقد أصدر رئيس الجمهورية مرسوما رئاسيا بتشكيله وتحديد أنظمته ومهامه ، فهو هيئة استشارية لإصلاح ذات البين قبل المحاكم ، هيئة مساعدة للسلطة في حل العديد من الخلافات ، فضلا عن التحسيس حول خطورتها .

المجلس الاستشاري هيئة من حكماء ووجهاء الشعب الصحراوي ، يتمتعون برؤية وتجربة غنية في فض النزاعات ، يسدي رأيه في عديد القضايا الوطنية .

المعركة ضد العدو تتشعب من سلمية مرورا بالدبلوماسية وصولا التي التأهب العسكري ، كيف ترون دور الوحدة في التكامل بين هذه الميادين ؟

•       المعركة ضد العدو المغربي متكاملة الاركان من خلال تفعيل كل الميادين من عسكرية وسياسية ودبلوماسية وحقوقية ، فمثلا المعركة مع النظام الملكي في المغرب معركة عرش ، زواله من بقائه ، المعركة العسكرية والاعلامية متلازمتان في الزخم والرأي ، ومعركة الارض المحتلة تكسر حاجز الخوف وتصنع التحدي ، والمعركة الدبلوماسية تخترق حواجز الصمت والتعتيم ، وتفتح أفاقا للتكامل بين الشعوب

متى تضعف الوحدة الوطنية ؟

•       طبعا مؤمن كل الايمان بأن ضعف الوحدة الوطنية ينجم عن عدة أسباب في مقدمتها تخلي المرأة عن الكفاح ، فهي صانعة الرجال ، ومهد حضانتهم ونشئهم واعدادهم ، بل هي مدرسة تدريبهم وشحذ عزائمهم وغرس فضائل التطوع في نفوسهم.

 

          أسئلة وإجابة مختصرة: ما ذا يعني لك ما يلي؟

•       الجيش والوحدة الوطنية ؟ ... صنوان لهدف واحد، عندما يكون الوطن في خطر فكل أبنائه جنود، والوطن شجرة طيبة لا تنمو إلا في تربة التضحيات وتسقى بالعرق والدم.

•       الوحدة الوطنية وتربية النشء ؟ ...الام مدرسة اذا اعددتها، أعددت شعبا طيب الاعراق، فبالتربية الوطنية نزرع حب الوطن، وحب الوطن من الايمان، والإنسان لا يناضل إلا من أجل ما يحب، ولا يحب إلا ما هو حري بالتقدير والاحترام، والوطن جدير بالحب.

•       جبهة الأرض المحتلة والوحدة الوطنية ؟ ... بالتكافل النضالي، ورفع الاعلام الوطنية، وكسر حاجز الخوف، فلا يتم عمل والتعاضد مفقود، ولا يكون فشل والاتحاد موجودا، فكل قوة ضعيفة ما لم تكن موحدة.

•       الإعلام والوحدة الوطنية ؟ ... الاعلام مدرسة للتربية والتوجيه، والاثنان أي الوحدة والاعلام يمثلان عسكرا بالنسبة للشعب الصحراوي، والمعجزات وليدة الرجال المتحدين، الاعلام أقوى القلاع.

•       الثقافة والوحدة الوطنية ؟ بالمسرح والشعر والاغنية الثورية، نرسخ الوحدة الوطنية، فالمرء لا يسكن حيزا جغرافيا معينا، بل يسكن هوية وثقافة وطن ولا شيء غيره.

•       الإطار والوحدة الوطنية ؟ ... رأس الحربة في السلوك، وترياق الوطنية ، والادمان على الوفاء لعهد الشهداء .

•       بعد ضبط المحددات ، هل الوحدة تحتاج إلى تحديث ؟ أم إلى صيانة ؟ ... كلاهما مطلوب ، تحديث وصيانة ، نحن شعب نبني بالوحدة طريق الاستقلال ، وعند الشدائد نتقاسم الحمل الثقيل .

•       القبلية  والوحدة الوطنية ؟ ... ما ذا تفعل اذا كنت تبني ، وغيرك يهدم ، القبلية سوء فهم ، والوحدة الوطنية تقدير .

•       القنوط والوحدة الوطنية ؟ ...  لا تقنطوا من رحمة الله ، ولا بد من مجاهدة النفس ، الاحتلال المغربي لن يتوقف عن المؤامرات والدسائس ،  حتى ينفذ حب الوطن من نفوسنا .

•       الخيانة والوحدة الوطنية ؟ .. الاولى في السعير ، والثانية طريق مستقيم ، بينهما خيط رفيع لا يراه الا الاوفياء  ، الخائن يلفظه الوطن ، ويلعنه الاهل ، والخائن لا ضمير له كي يحب أحدا.

     كلمة أخيرة : الحديث عن الوحدة الوطنية وفضائلها يقودنا الى تبني الوصية التي أوصى بها الشهداء ، وها أنا ذا أوصي بها من جديد ، أوصي شبابنا بالاتحاد من أجل المستقبل ، اناثا  وذكورا ، أوصي المثقفين والاطارات ، الذين يجب أن يظلوا حاضرين في الميادين ، وأن ينتبهوا الى معركة الارض المحتلة باعتبارها فيصل ضروري لحسم المعركة المتقدة ضد العدو ، وعلى شبابنا هناك أن يتفادى الخوف ويتسلح بالجرأة والاقدام . (واص)