
نيويورك (الأمم المتحدة)، 9 يونيو 2025 (واص) – بعث اليوم عضو الأمانة الوطنية وممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو، الدكتور سيدي محمد عمار، رسالة إلى السفيرة كارولين رودريغيس بيركيت، الممثلة الدائمة لغويانا لدى الأمم المتحدة والرئيسة الحالية لمجلس الأمن الدولي، دحض فيها بالأدلة الموثقة الادعاءات الكاذبة والمضللة التي تضمنتها رسالة ممثل دولة الاحتلال المغربي الأخيرة لمجلس الأمن.
وفيما يلي النص الكامل للرسالة التي توصلت وكالة الأنباء الصحراوية بنسخة منها:
نيويورك 9 يونيو 2025
سعادة السفيرة كارولين رودريغيس بيركيت،
الممثلة الدائمة لغويانا لدى الأمم المتحدة
رئيسة مجلس الأمن
سعادة السفيرة،
أود أولاً أن أهنئكم على توليكم رئاسة مجلس الأمن لهذا الشهر وأن أتمنى لكم كل النجاح في مهمتكم.
تلقى مجلس الأمن مؤخراً رسالة من الممثل المغربي الدائم لدى الأمم المتحدة يتجاوز فيها، كالعادة، كل حدود الحس السليم واللياقة، ليس فقط لتقديم ادعاءات لا أساس لها بشأن قضية الصحراء الغربية، ولكن أيضا للتشكيك في مصداقية مجلس الأمن ونزاهة تقاريره.
في الجلسة 9927 المنعقدة في 30 ماي 2025، نظر مجلس الأمن (S/2025/336) في مشروع تقريره المُقدم إلى الجمعية العامة وتبنى مشروع التقرير دون تصويت. غير أن عضواً غير دائم أثار "نقطة نظام" خلال الاجتماع، بتحريضِ من دولة الاحتلال المغربي، وقام وفد الاتحاد الروسي، المسؤول عن صياغة مقدمة التقرير السنوي لهذا العام، بالرد عليها بإجابة واضحة ودامغة (S/PV.9927)، مما بيّن عدم أهمية "النقطة" المُثارة وكشف عن الدوافع الخفية للمُحرِض عليها.
وعلى الرغم من أن "الوثيقة تم الاتفاق عليها بتوافق الآراء" (S/PV.9927)، إلا أن ممثل دولة الاحتلال المغربي يعترض في رسالته على ما يسميه "تفرّد طرفين" في الفقرة المتعلقة بالصحراء الغربية في تقرير مجلس الأمن ويدعي أن "مجلس الأمن قد كرّّس الأطراف الأربعة في العملية السياسية". بل إنه يذهب إلى حد القول إنه "لا يوجد تقرير للأمين العام أو قرار من الجمعية العامة يخص طرفين على حساب الأطراف الأربعة المشاركة في العملية السياسية".
كما هو موضح أدناه بالأدلة الموثقة، كل هذه الادعاءات كاذبة ومضللة، وليست سوى إهانة أخرى لعقول الدول الأعضاء.
من الحقائق الثابتة أن النزاع في الصحراء الغربية هو نزاع دولي تعترف فيه أجهزة الأمم المتحدة ذات الصلة بدولة الاحتلال المغربي وجبهة البوليساريو، الممثل الوحيد والشرعي للشعب الصحراوي، بوصفهما طرفي النزاع. وتكفي الإشارة في هذا المقام إلى قرارات مجلس الأمن 621 (1988) و 658 (1990) و 690 (1991)، وقرارات الجمعية العامة 34/37 و 35/19 و 36/46، وغيرها من قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات الصلة.
وفيما يتعلق بتقارير الأمين العام، تكفي الإشارة إلى تقريره (S/21360) المؤرخ 18 يونيو 1990، الذي يذكر فيه أنه "في 11 أغسطس 1988، قدم الأمين العام للأمم المتحدة والمبعوث الخاص لرئيس مؤتمر رؤساء دول وحكومات منظمة الوحدة الأفريقية آنذاك، في اجتماعين منفصلين، إلى طرفي النزاع في الصحراء الغربية، وهما المغرب والجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (جبهة البوليساريو)، وثيقة ("مقترحات التسوية")..." (الفقرة 1؛ التشديد مُضاف).
وعلاوة على ذلك، أشار مجلس الأمن في قراره 690 (1991) المؤرخ 29 أبريل 1991، الذي أنشأ بموجبه، وتحت سلطته، بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو)، إلى أن "المملكة المغربية والجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب قد وافقتا" على مقترحات التسوية المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية، ودعا "الطرفين إلى التعاون الكامل مع الأمين العام في تنفيذ خطته كما هو موضح في تقريره المؤرخ 8 يونيو 1990 والمفصل في تقريره المؤرخ 19 أبريل 1991" (الفقرة 2 من الديباجة والفقرة 3 من منطوق القرار على التوالي؛ التشديد مُضاف).
وفيما يتعلق بالجمعية العامة، يكفي أن نشير إلى قرارها 40/50 المؤرخ 2 ديسمبر 1985 الذي تطلب فيه الجمعية العامة "مرة أخرى، وتحقيقاً لهذه الغاية، من طرفي النزاع، المملكة المغربية والجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، إجراء مفاوضات مباشرة، في أقرب وقت ممكن، بهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار لتهيئة الظروف اللازمة لإجراء استفتاء سلمي ونزيه لتقرير مصير شعب الصحراء الغربية..." (الفقرة 3 من منطوق القرار؛ التشديد مُضاف).
وبخصوص قرارات مجلس الأمن الأخيرة، يمكن الرجوع على سبيل المثال إلى القرار 2756 (2024) المؤرخ 31 أكتوبر 2024. في هذا القرار، يؤكد مجلس الأمن، من بين أمور أخرى، "على أهمية تجديد الطرفين لالتزامهما بدفع العملية السياسية قدماًَ تمهيداً لمفاوضات أخرى... [و] يشجع البلدين المجاورين على تقديم إسهامات هامة وفعالة في هذه العملية" (الفقرة 9 من منطوق القرار؛ التشديد مُضاف).
والسؤال هنا هو لماذا يشير مجلس الأمن إلى الطرفين والبلدين المجاورين بشكل منفصل في جملة واحدة إذا كانت جميعها "أطراف" كما يدعي ممثل دولة الاحتلال؟ من الواضح أنه لا يمكن لأحد أن يتوقع رداً موثوقاً به من هذا الممثل نفسه الذي حرّف قرار الجمعية العامة 3458 (د-30) باء المؤرخ 10 ديسمبر 1975 مدعياً زوراً أنه "أيد" "اتفاقية مدريد" لعام 1975، في حين أن القرار ينص صراحة على أن الجمعية العامة "أحاطت علماً" فقط بهذه الاتفاقية (S/2024/520).
وبعد هذا كله، فإن الحقيقة الثابتة التي لا يمكن حجبها بالدعاية الكاذبة لدولة الاحتلال ولا يمكن طمسها بصيغ "الغموض الهدّام" هي أن المغرب يحتل أجزاء من الصحراء الغربية بشكل غير شرعي منذ ما يقرب من خمسة عقود وأن الشعب الصحراوي، بقيادة ممثله الوحيد والشرعي، جبهة البوليساريو، يخوض كفاحاً تحريرياً مشروعاً لمقاومة الاحتلال المغربي والدفاع عن سيادة وطنه.
يشير ممثل دولة الاحتلال إلى "المقترح" الاستعماري المغربي لعام 2007، الذي في الواقع ليس سوى مهزلة تسعى دولة الاحتلال من خلالها إلى "إضفاء الشرعية" على احتلالها غير الشرعي للصحراء الغربية المُدرجة في قائمة الأمم المتحدة كإقليم خاضع لتصفية الاستعمار، وحرمان شعبها من حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال.
ولإخفاء فشلها في الحصول على الشرعية الدولية لاحتلالها غير الشرعي للصحراء الغربية، تحاول دولة الاحتلال المغربي أن "تستقوي" بالمواقف الأحادية والقائمة على منطق الصفقات التي اتخذتها بعض الدول. ومع ذلك، فإن الدول التي تحترم نفسها والملتزمة التزاماً حقيقياً بالمبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي لا يمكنها أبداً قبول، ناهيك عن تأييد، هذا "المقترح" الاستعماري الذي يجب إدانته بشدة.
وعلاوة على ذلك، يجب على الدول التي تشعر بالقلق إزاء استقرار شمال أفريقيا أن تعلم أن السلام والاستقرار في منطقتنا لا يمكن أبداً ضمانهما بمكافأة سياسة التوسع التي يعتمد عليها النظام المغربي دائماً كأداة رئيسية لتثبيت دعائم حكمه الهشة وتهديد أمن جيرانه والمنطقة بأسرها. بل إن السلام الدائم لا يمكن تحقيقه إلا بالدفاع عن المبادئ الأساسية للقانون الدولي، بما في ذلك حق الشعوب المقدس في تقرير المصير ومبدأ عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة.
من المعروف أن دولة الاحتلال المغربي تسعى، من خلال الترويج "لمقترحها" الاستعماري، إلى إخفاء معارضتها المستمرة لاستفتاء تقرير المصير الذي قبلته رسمياً في أغسطس 1988 من خلال قبول "مقترحات التسوية" المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية التي تشكل جوهر ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو).
ولا يمكن لممثل دولة الاحتلال أن ينكر أن ملكه السابق قد ألزم بلده بالاستفتاء وتعهد رسمياً بقبول نتائجه (A/38/PV.8، الفقرة 26). ولا يمكنه أن ينكر أيضا أن بلده نكث بعد ذلك بالتزامه و"أعرب عن عدم رغبته في المضي قدماً في خطة التسوية." (S/2002/178، الفقرة 48) كما أفاد بذلك الأمين العام نفسه في عام 2002.
لقد أوضح وزير الخارجية الأمريكي السابق، جيمس بيكر الثالث، الذي شغل منصب المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء الغربية من عام 1997 إلى عام 2004، سبب تراجع دولة الاحتلال المغربي عن التزامها بالاستفتاء. ففي مقابلة مع قناة PBS في 19 أغسطس 2004، قال جيمس بيكر الثالث: "كلما اقتربنا من تنفيذ خطة التسوية ... كلما زاد قلق المغاربة، في اعتقادي، من احتمال عدم فوزهم في الاستفتاء."
وفي تعليق نشرته صحيفة "واشنطن تايمز" في 28 ماي 2025، أكد جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق للرئيس دونالد ترامب والسفير الأمريكي السابق لدى الأمم المتحدة، أن "المغرب بدأ في عرقلة جهود الأمم المتحدة لتنفيذ القرار تقريباً منذ اللحظة التي صدر فيها وذلك لخوفه من أن أي استفتاء حر ونزيه حقاً سيختار فيه الصحراويون الاستقلال".
إن شهادتي مرجعين مُعترف بهما في هذا الشأن ليست سوى مثالين يؤكدان ما هو بديهي: لم يتم إجراء استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية بعد، ليس بسبب أي قضايا تتعلق "بتسجيل الناخبين"، ولكن فقط لأن دولة الاحتلال المغربي تخشى نتيجة الاستفتاء. هذا هو السبب بكل بساطة.
وأرجو ممتنا إطلاع أعضاء مجلس الأمن على هذه الرسالة.
وتفضلوا، سعادة السفيرة، بقبول أسمى عبارات التقدير والاحترام.
الدكتور سيدي محمد عمار،
ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو . (واص)