كاتب صحراوي يبرز الكفاح النظيف لجبهة البوليساريو

حمدي

الشهيد الحافظ، 05 يونيو 2025 (واص) - أبرز الكاتب الصحراوي السيد حمدي يحظيه الكفاح النظيف لجبهة البوليساريو، في حربها التحررية ضد الاحتلال المغربي من أجل ممارسة الشعب الصحراوي لحقه المشروع في الحرية وتقرير المصير.

وأبرز الكاتب الصحراوي في مقال مطول الطرق الشرعية التي تتبعها جبهة البوليساريو رائدة الكفاح التحرري، وإتباعها طرق واضحة في الحصول على الحقوق المشروعة للشعب الصحراوي في الحرية وتقرير المصير، دون اللجوء الى طرق أخرى على عكس ما يروج له الاحتلال المغربي في محاولة منه الصاق تهمة الإرهاب بجبهة البوليساريو.

نص المقال :

الصحراويون رفضوا القيام بالعمل الفدائي منذ بداية كفاحهم

أثناء المؤتمر الثالث لجبهة البوليساريو، في نهاية غشت 1976م، حدث نقاش حاد ومعمق حول الكفاح بكل الوسائل لطرد الاحتلال المغربي والموريتاني، وقال البعض أن الوضع، آنذاك، يفرض اللجوء إلى الكفاح المسلح وإلى العمل الفدائي، وأنه لا يوجد ما يمنع من ذلك، لكن الحكماء من مناضلي الشعب الصحراوي طلبوا شطب نقطة العمل الفدائي من البرنامج العمل الوطني، وتمسكوا بالحرب النظيفة في الميدان. في نهاية النقاش، اتخذ المؤتمرون الصحراويون قرارا ديمقراطيا رسميا وسياديا، وهو عدم القيام بأي أعمال فدائية لا في داخل المغرب، ولا في داخل موريتانيا، ولا في داخل الصحراء الغربية المحتلة، واتفقوا على أن الكفاح المسلّح يجب أن يحدث بالحرب النظيفة ضد الجيوش الغازية، وجها لوجه.

حجة حكماء وعقلاء الصحراء الغربية في رفض القيام بالعمل الفدائي، هو أن الضحايا سيكونون أبرياء وأشقاء وجيران ومسلمين، وأن أنظمتهم هي التي دفعت بهم إلى أبواب جهنم. لا يسجل التاريخ للثورة الصحراوية، ولو مرة واحدة، أنها فجّرت قنبلة في حافلة أو في مقهى أو في بناية سكنية أو سجنت مدنيين مغاربة أو موريتانيين، رغم وجود مناضلي البوليساريو في الصحراء الغربية المحتلة وفي عمق المغرب. إذن، بما أن الصحراويين منعوا القيام بالعمل الفدائي المشروع، فكيف يمكن إلصاق تهمة الإرهاب بهم؟

المخزن والهوس بتصنيف البوليساريو “حركة إرهابية

افتراء المغرب على البوليساريو بالإرهاب، ومحاولة تشويه الكفاح الصحراوي ليس جديدا وليس حدثا. لا يترك المخزن فرصة تمر دون محاولة ربط “البوليساريو” بالإرهاب، أو ربطها بتنظيم القاعدة في الساحل وبداعش في الشام، أو الادعاء إنها تتدخل في شؤون دول خارجية حدثت فيها اضطرابات مثل ليبيا، سوريا واليمن.

وبتكرار، كل مرة، سيناريو الاتهامات الباطلة والافتراء بتواجد مقاتلي “البوليساريو” في أي بلد تحدث فيه اضطرابات، وبتكرار نفي تلك البلدان لذلك الافتراء، كانت مصداقية دولة المخزن تتآكل في الداخل والخارج. فشلُ المخزن في تقديم أدلة على وجود لمقاتلين صحراويين في الدول التي حدثت فيها اضطرابات، جعله يلتفت إلى اتهام إيران وحزب الله بأنهما يسلحان ويدربان مقاتلي البوليساريو،  لكن من جديد فشل. حين قامت الثورة في ليبيا سنة 2011م، ارتفعت أصوات طبول الإعلام المخزني، وتبارى ساسة القصر في التصريحات متهمين جبهة “البوليساريو” بدعم القذافي ضد الثوار. حين تم إحراج المجلس الحاكم في ليبيا، آنذاك، خرج رئيسه، مصطفى عبد الجليل، ليقول بوضوح واختصار لا يقبل التفسير في مناسبتين- آخر واحدة فيهما كانت يوم الثلاثاء 26 ديسمبر 2016م: “لا علم لنا بأي تواجد لجبهة البوليساريو أو مساعدتها لمعمر القذافي ولا نستطيع أن نتهم أي أحد في هذا الشيء”. في سنة 2015م، حين كانت الحرب دائرة في اليمن، اتهم المخزن “البوليساريو” بدعم الحوثيين، لكن شاءت الأقدار أن يتم إسقاط طائرة حربية مغربية في اليمن ويُقتل ملاحها، فتحجّرت ألسنة الكذّابين في حلوقهم، وظهر إنهم  هم الإرهابيون الذين يقتلون الأبرياء في اليمن. في سنة 2018م، أحرج المخزن “حزب الله” اللبناني واتهمه بدعم “البوليساريو” وتدريبها وتسليحها، لكن الحزب خرج يوم الثلاثاء أول ماي 2018م وكذّب تلك الترهات.

بالموازاة مع اتهام “حزب الله”، اتهم المخزن إيران، أيضا، أنها تدعّم “البوليساريو” وتسهّل ذهاب مقاتليه إلى لبنان لمحاربة إسرائيل، فردت إيران يوم 2 ماي 2018م قائلة إن المخزن يكذب.

ولا يظهر غباء المخزن من تكرار الاتهامات الباطلة لـ”البوليساريو”، لكن يظهر أكثر في أنه جعل “البوليساريو” تمتلك جيوشا عدة يقاتلون في أكثر من دولة، بينما يقول في تناقض صارخ مع ذلك أن الشعب الصحراوي لا يتعدى اربعين ألفا.

كرونولوجيا حملة المخزن الفاشلة في الولايات المتحدة لتصنيف البوليساريو  حركة إرهابية

الضجيج الذي حدث، مؤخرا، في الولايات المتحدة حول تصنيف البوليساريو حركة “إرهابية”، يشبه الضجيج والصخب الذي يحدث يوميا في ساحة “جامع لفنا” في مراكش أين تختلط أصوات لحلايقية والحناشين والشحاذين والسياسيين والعياشة. ما حدث في الولايات المتحدة من محاولة تلطيخ سمعة البوليساريو بالإرهاب، كان خطة فاشلة حاول المخزن الترويج لها في واشنطن في شهر ابريل 2025م. حتى نَعرف فصول تلك الخطة المخزنية الفاشلة، لا بد من تتبّع أجندتها لنرى إنها أقرب إلى مسرحية سيئة الإخراج منها إلى خطة متقنة يمكن أن تنجح. أولا، هناك حقيقة لا يجب أن تغيب عن أذهاننا وهي أن الولايات المتحدة لم تلبِّ أي طلب للمخزن، ولم تفتح معه أي حوار لا في عهدة ترامب الأولى ولا الثانية، ولم توجه أي دعوة لملكه لزيارة واشنطن. ما حدث هو أن اعتراف ترامب بالحكم الذاتي سنة 2020م، كان بمبادرة من نتنياهو، وزيارة وزير خارجية المخزن لواشنطن في بداية ابريل2025م، كان بطلب من نتنياهو أيضا. في هذا الإطار، ذهب وزير خارجية المخزن بداية ابريل2025م وفي جعبته مخطط من جزئيين: مخطط(أ) ومخطط(ب).

يوم 8 ابريل 2025م، وتنفيذا للمخطط (أ) التقى وزير خارجية المخزن مع كاتب الدولة الأمريكي للخارجية، روبيو،  ليحصل منه على قرار بفتح قنصلية في الداخلة المحتلة، ويحصل على تجديد الاعتراف بالحكم الذاتي، لكن كانت النتيجة عكسية: رفض الوزير الأمريكي الحديث عن القنصلية في الداخلة المحتلة، وأكثر من ذلك ربط الحكم الذاتي بالتفاوض حوله وبقبول الشعب الصحراوي له. هذه الصدمة جعلت وزير خارجية المخزن ينتقل، مباشرة، إلى المخطط (ب) وهو خلق البلبلة في واشنطن لمحاولة إقناع الإدارة الأمريكية بتصنيف جبهة البوليساريو حركة “إرهابية”. في هذا الإطار، التقى وزير خارجية المخزن في اليوم ذاته -8 ابريل-مع مايك والتز، مستشار الأمن القومي الأمريكي، وطلب منه تصنيف البوليساريو حركة إرهابية. في اليوم الموالي، التقى بوريطة مع نائب جمهوري هو جو ويلسن، وطلب منه أن يتحرك في الكونغرس لجس النبض حزل تقبل فكرة تصنيف البوليساريو حركة إرهابية، كما التقى في نفس اليوم مع روبرت غريينواي، أحد مهندسي اتفاقات ابراهام، وطلب منه أن يتحرك على مستوى المعاهد والصحافة للترويج لتفس الفكرة . في هذا الإطار، وتناغما مع هذه الآلة الدعائية،   نشرت جريدة واشنطن بوست، يوم 14 ابريل، مقالا تتحدث فيه، من دون أدلة، عن علاقةٍ مزعومةٍ للبوليساريو بإيران وحزب الله. ولمزيد من الدعاية، نشر معهد أمريكي مغمور للأبحاث اسمه “هدسون” (مجموعة تفكير)، يوم الجمعة 18 أبريل 2025م، تقريرا يدبّج فيه بعض الأكاذيب لربط البوليساريو بالإرهاب. يوم 19 ابريل، جدد النائب الجمهوري جو ويلسون، الحديث عن علاقة البوليساريو بـ”الإرهاب”، وقال أنه سيعمل على إصدار قانون في الكونغرس يصنف جبهة البوليساريو كمنظمة “إرهابية”. يوم  21 ماي 2025م، نشرت جريدة the daily signal  مقالا لروبرت غريينواي، والمغربي أمين الغوليدي، يقولان فيه أن ايران دعمت البوليساريو بطائرات مُسيرة. لكن كل هذه الترهات لم تلق صدى في الولايات المتحدة الأمريكية ولا في العالم.

تتزامن هذه التحركات والتصريحات الفاشلة مع تحركات موازية يقوم بها المخزن لمحاولة جمع أصوات عناصر أخرى تدعم مسعاه مثل رئيس الحكومة الإسبانية السابق خوسي لويس ثاباتيرو، ووزير الدفاع الاسباني السابق خوسي بونو، وابن الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو، ووزير الدفاع البريطاني السابق ليام فوكس، وبعض الشخصيات الفرنسية…

الرد القوي على ادعاءات المخزن

أول من أدرك الخطأ الصحفي الفظيع، بعد تعرض مصداقيتها للخطأ، كانت جريدة “واشنطن بوست”، فتراجعت عن اتهامها الباطل للبوليساريو بالإرهاب، وصححت معلوماتها. أما بالنسبة لجريدة the daily signal,  فقد تمت مهاجمتها بقوة من طرف جريدة “كناريا سيمانال” الصادرة يوم 27 مايو 2025م، التي كتبت تقول:  “إن وصف جبهة البوليساريو بالإرهاب ليس له أي أساس قانوني أو واقعي، وهي حركة لا تظهر على أي قائمة للمنظمات الإرهابية من قبل الولايات المتحدة أو الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، ولا حتى في المغرب، الذي يجلس على طاولة المفاوضات مع البوليساريو. إن ما هو موجود هو حملة تشهير تروّج لها مصالح سياسية واقتصادية تسعى إلى إدامة الاحتلال”..

أما الرد المزلزل فجاء من طرف عضو الحزب الجمهوري الأمريكي، جون بولتون، الذي كتب، يوم 28 ماي 2025م، في جريدة “واشنطن تايمز” الأمريكية قائلا: “وفي مواجهة المتغيرات في المنطقة، بدأ خصوم البوليساريو بالترويج لدعاية جديدة تزعم –من دون أدلة– أن الجبهة باتت خاضعة لنفوذ إيران. وقد يكون الهدف من هذه المعلومات المضللة صرف انتباه الولايات المتحدة عن العراقيل المغربية المتواصلة لمنع إجراء الاستفتاء. وبلغت هذه الادعاءات حد القول إن مقاتلين من البوليساريو تلقوا تدريبات على أيدي ميليشيات أجنبية موالية لإيران في سوريا إبان حكم النظام السوري السابق بقيادة بشار الأسد. وربما نتيجة لهذا الخطاب المعادي للصحراويين، تم تقديم مشروع قانون في مجلس النواب الأمريكي يصنف جبهة البوليساريو منظمة إرهابية. وهذا الادعاء لا أساس له من الصحة، إذ يُعد الصحراويون من أكثر شعوب المنطقة اعتدالاً في مواقفهم الدينية. لم يخضع الصحراويون يوماً للتطرف الذي اجتاح الشرق الأوسط بعد الثورة الإسلامية في إيران عام 1979م، فالادعاءات التي تزعم بأن الصحراويين عرضة للدعاية الشيعية الصادرة من طهران تُكذّبها حقيقة الوجود طويل الأمد للمنظمات الدينية الأميركية غير الحكومية في المخيمات، والتي تقدّم خدمات تعليمية وطبية(..). يجب أن تعود السياسة الأميركية بشأن الصحراء الغربية إلى منطلقاتها في عام 1991م، من خلال دعم استفتاء يتيح للصحراويين تحديد مستقبلهم بأنفسهم”.

اذن، البوليساريو يدها نظيفة، وسمعتها معترف بها دوليا، ومنذ أكثر من نصف قرن وهي تكافح وتناضل من أجل استرجاع كامل اراضي الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية. إن محاولة إلصاق تهمة الإرهاب البوليساريو الآن، بعد نصف قرن من تأسيسها، هو بمثابة محاولة تسجيل هدف من وضعية تسلل في الوقت بدل الضائع. لا يسجل التاريخ للثورة الصحراوية، ولو مرة واحدة، أنها فجّرت قنبلة في حافلة أو في مقهى أو في بناية سكنية أو حولت طائرة مدنية أو سجنت مدنيين مغاربة أو موريتانيين، رغم وجود مناضلي البوليساريو في الصحراء الغربية المحتلة وفي عمق المغرب. إن ما يقوم به المخزن، الآن، في واشنطن، من شراء للذمم والحديث عن البوليساريو وربطها بالإرهاب هو محاولة لتهييج الرئيس ترامب، ودفعه إلى القيام بشطحة من شطحاته غير المحسوبة مثل شطحة الاعتراف بالحكم الذاتي سنة 2020م، التي رفض-ترامب- إتمامها إلى حد الآن بتراجعه عن فتح قنصلية في مدينة الداخلة المحتلة، وتراجعه عن اعتبار الحكم الذاتي حلا وحيدا(واص).