تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

النص الكامل لكلمة رئيس الجمهورية، الأمين العام للجبهة بمناسبة يوم الشهداء واليوم الوطني للجيش

نشر في

ولاية بوجدور ، 10 يونيو 2023 (واص) - ألقى رئيس الجمهورية ، الأمين العام للجبهة ، القائد الأعلى للقوات المسلحة السيد إبراهيم غالي ، كلمة خلال إشرافه على تخليد يوم الشهداء واليوم الوطني للجيش، استحضر فيها مآثر الشهداء الذين سقطوا دفاعا عن الوطن ، مشيدا بالمناسبة بالدور المحوري للجيش الصحراوي وهو يدك تخندقات جنود الاحتلال ، بالإضافة إلى تطرقه لأوجه الكفاح الوطني .
وفيما يلي النص الكامل للكلمة
بسم الله الرحمن الرحيم
مناضلات ومناضلو الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب،
مقاتلو جيش التحرير الشعبي الصحراوي
الحضور الكريم،
إنه لاختيار موفق من الإخوة في وزارة الدفاع أن نجتمع اليوم  لنحيي يوم الشهداء ونخلد اليوم الوطني لجيش التحرير الشعبي الصحراوي، ونحن في رحاب الذكرى الخمسين لتأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب واندلاع الكفاح المسلح.
إن 9 يونيو يوم مميز فعلاً في تاريخ الشعب الصحراوي، نقف فيه لنلقي تحية التقدير والتبجيل والعرفان والاحترام والترحم إلى كل شهيدات وشهداء القضية الوطنية. كيف لا ونحن نقف أمام أسمى معاني التضحية وأرقى تجليات الشجاعة وأعظم لحظات العطاء والسخاء ونكران الذات واسترخاص الغالي والنفيس، من أجل قضية نبيلة ومبادئ وأهداف مقدسة، مجسدة في حرية وكرامة الإنسان الصحراوي وحقه في العيش الكريم فوق ترابه الوطني المستقل.
كيف لا ونحن نستحضر ذكرى نساء ورجال جسدوا بالفعل قبل القول روح الانتماء الصادق للوطن المفدى، والإخلاص والوفاء الكامل للشعب الأبي، وجعلوا من أرواحهم وأجسادهم ونضالهم وتضحيتهم وإقدامهم وسلوكهم البطولي قنطرة عبور نحو النصر المؤزر، مخضبة بالدماء الزكية الطاهرة التي امتزجت في بوتقة واحدة، في عروة لا انفصام لها، في إطار  الوحدة الوطنية الشاملة لكل الصحراويات ولكل الصحراويين،  بقيادة رائدة كفاحهم وممثلهم الشرعي والوحيد، الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمرراء ووادي الذهب.
إنها مناسبة لنتذكر أولئك الشهداء البررة الذين اعطوا كل ما يملكون، بلا تردد ولا منة، وكلهم إيمان راسخ بعدالة القضية ومشروعية الحقوق، وفي مقدمتهم مفجر الثورة، شهيد الحرية والكرامة، الولي مصطفى السيد، الذي نخلد الذكرى السابعة والأربعين لاستشهاده البطولي في ساحة الوغى، في مقدمة الصفوف، مقدماً روحه فداءً للوطن ومثالاً يحتذى ونبراساً ساطعاً للشعب الصحراوي عامة، ولقيادات وإطارات الجبهة بشكل خاص.
الحديث يطول عن هذا الرمز الوطني الخالد، الذي نذر نفسه ابناً باراً، مخلصاً ووفياً للشعب الصحراوي. لقد كان لنا الشرف أن عملنا مع الشهيد الولي في تلك المراحل العسيرة والبدايات العصيبة للثورة الصحراوية، وعشنا معاً وعن كثب الدور التاريخي في وضع الأسس الصلبة والمحطات الحاسمة في معركة شعبنا المصيرية، على غرار تأسيس الجبهة واندلاع الكفاح المسلح وإعلان الوحدة الوطنية وتأسيس المجلس الوطني الصحراوي وقيام الدولة الصحراوية. 
ونحن نسجل المداخلة القيمة حول فكر الشهيد الولي، المقدمة في هذا المنبر، نؤكد مرة أخرى بأننا أمام شخصية وطنية متميزة بالعبقرية والفكر الثاقب والفطنة والقدرة على التحليل والاشتشراف، حباه الله بمزايا وخصال أهلته لأن يكون قائداً هماماً، شجاعاً وحكيماً، عسكرياً وسياسياً. لم يكن يعترف بالمستحيل، وكله يقين في القدرة على تجاوزه بالإرادة الصلبة والإيمان الراسخ والثقة المطلقة في الشعب. 
قناعة الشهيد الولي التي طالما أكد عليها هي أن أسباب الوجود والمكاسب، أسباب الكرامة والاحترام هي حقيقة واحدة اسمها الشعب، مع التأكيد والتشديد على أن النجاح الكبير يكمن في وجودنا ككتلة واحدة ملتحمة. كان شديد الإلحاج في التحذير من سياسات العدو القائمة على التفرقة بكل السبل، بما فيها خلق البلبلة وتشجيع النعارات، لأنه يدرك أن أي مساس بمبدأ الوحدة الوطنية هو استهداف مباشر للشعب وللوطن وللقضية، ومقتنع أنه في غياب تلك اللحمة وتلك الوحدة لن يكون هناك من مآل سوى الركوع والمذلة والخسران.
اليوم نترحم على روحه الطاهرة وعلى أرواح كل شهداء شعبنا البررة، من أمثال الفقيد محمد سيد إبراهيم بصيري، ومن أمثال أول شهيد للثورة، البشير لحلاوي، والرئيس الشهيد محمد عبد العزيز، وكل من سار على دربهم المستنير، وما بدل تبديلاً.
الأخوات والإخوة،
في هذه المناسبة نخلد كذلك اليوم الوطني لجيش التحرير الشعبي الصحراوي. أتقدم باسم كافة جماهير شعبنا، في كل مواقع تواجدها، بأحر التهاني وأصدقها إلى كل مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي.
إن التكريمات التي شهدناها اليوم، والتي مست مختلف الجوانب والقطاعات على مستوى الجيش الصحراوي، هي مجرد غيض من الفيض الهائل الذي يستحقه جيش التحرير الشعبي الصحراوي، بشهدائه البررة وجرحاه وأسراه وكل أفراده. ولكنها، على كل حال، فرصة ومناسبة لنؤكد ونشدد على المكانة السامية لجيشنا البطل في قلوب كل جماهير شعبنا، باعتباره قوة الثورة الضاربة، وحامي حمانا والضامن لاستمرار معركة العزة والكرامة حتى استكمال أهدافنا في الحرية والاستقلال.
فتحية إلى الجيش الصحراوي البطل الذي سجل، في زمن قياسي وفي ظروف غاية في الصعوبة والتعقيد وبإمكانيات محدودة، تجربة قتالية غير مسبوقة في تاريخ الحروب، أصبحت اليوم محل المتابعة والتقدير في مختلف الأكاديميات العسكرية والجامعات ومراكز البحث والدراسات الاستراتيجية وغيرها.
تحية إلى أولئك الصناديد المغاوير الأسود الأشاوس، الذين صنعوا مجد الشعب الصحراوي، بما تميزوا به من روح التضحية والسخاء والشجاعة والقتالية والفعالية، والقدرة على التعاطي مع واقع المواجهة غير المتكافئة، بكل تطوراتها وتغيراتها، بالأفكار والخطط الملائمة لكل مرحلة، والذين فرضوا وجود شعبنا ومكانته بين الشعوب والأمم، وجلبوا له المكاسب والانتصارات والاعتراف من كل أصقاع الدنيا بحقوقه الثابتة في تقرير المصير والاستقلال. تحية إلى الأبطال المرابطين اليوم في الجبهات الأمامية، يدكون معاقل وتخندقات العدو، يرفعون التحدي في مواجهة حجافل قوات الاحتلال وحلفائها، مصرين كل الإصرار وعازمين كل العزم على استكمال مهمة التحرير.
الأخوات والإخوة،
في هذه المناسبة المجيدة، نتوجه بالتهنئة إلى جماهير شعبنا، في كل مواقع تواجدها، في مخيمات العزة والكرامة وفي المهجر، وبشكل خاص إلى جماهير انتفاضة الاستقلال الصامدة في الأرض المحتلة وجنوب المغرب وفي المواقع الجامعية، مطالبين الأمم المتحدة بإلحاح بتحمل مسؤوليتها في التسريع بتصفية الاستعمار من آخر مستعمرة في إفريقيا، وحماية المدنيين الصحراويين العزل من بطش قوة الاحتلال المغربي، ورفع الحصار المفروض على الأجزاء المحتلة من وطننا، ووقف النهب المغربي الممنهج لثرواته الطبيعية.
كما نجدد مطالبة الاتحاد الإفريقي بالتعجيل بفرض تطبيق مقتضيات قانونه التأسيسي فيما يخص النزاع في الصحراء الغربية، وخاصة احترام الحدود الموروثة عند نيل الاستقلال، وبالتالي انسحاب قوات دولة الاحتلال المغربي من الأجزاء التي تحتلها من أراضي الجمهورية الصحراوية، العضو المؤسس في المنظمة القارية.
نذكر مجدداً الاتحاد الأوروبي بالالتزام بالقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني في الصحراء الغربية، وتطبيق أحكام محكمة العدل الأوروبية، واحترام قرارها بالامتناع عن توقيع أي اتفاق مع المملكة المغربية يمس الأراضي أو الأجواء أو المياه الإقليمية للصحراء الغربية، باعتبارها والمملكة المغربية بلدان منفصلان ومتمايزان، وباعتبار أن السيادة على ثرواتها والتصرف فيها أمر يعود حصرياً إلى الشعب الصحراوي، عبر ممثله الشرعي والوحيد، جبهة البوليساريو.
وفي وقت نجدد فيه إلحاحنا على أن تلعب فرنسا دوراً إيجابياً تجاه دفع الحكومة المغربية للامتثال لمقتضيات الشرعية الدولية، ويراعي المصالح المشتركة لكامل شعوب وبلدان المنطقة، نعيد إداتنا للموقف المخجل لرئيس الحكومة الإسبانية، المساند للأطروحة التوسعية المغربية، ونطالب الدولة الإسبانية بتحمل مسؤوليتها القانونية، السياسية والأخلاقية تجاه الشعب الصحراوي، باعتبار واجبها كقوة استعمارية وإدارية للصحراء الغربية لا يسقط بالتقادم.
كما نجدد، بلا كلل ولا ملل، آيات الشكر والتقدير والعرفان إلى كل الأشقاء والأصدقاء في كل قارات العالم، المساندين لقضية شعبنا العادلة وكفاحه المشروع، وفي مقدمتهم الجزائر الشقيقة، بلد الشموخ والمواقف المبدئية، بقيادة السيد الرئيس عبد المجيد تبون، التي تنهل من مثل وقيم ثورة الأول من نوفمبر المجيدة، في انسجام مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي.كما نؤكد تشبثنا وإصرارنا على تعزيز علاقات الأخوة والجوار والمصير المشترك مع الأشقاء في الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
الأخوات والإخوة،
إن قرار الشعب الصحراوي استئناف الكفاح المسلح، كحق يكفله ميثاق الأمم المتحدة، دفاعاً عن حقوقه المشروعة، والذي  فرضته عليه سياسات التعنت والعرقلة المغربية، وما رافقها من تماطل وتغاضي وحتى تآمر من بعض الأطراف على مستوى مجلس الأمن الدولي، يتطلب منا اليوم، أكثر من أي وقت مضى، مزيداً من اليقظة والاستنفار والوقوف بكل قوة مع جيش التحرير الشعبي الصحراوي ودعمه، بشرياً ومادياً، كل من موقعه وبكل ما أوتى من سبل وإمكانيات.
بحلول الذكرى الخمسينية لتأسيس تنظيمنا الوطني الطلائعي، الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، واندلاع الكفاح المسلح ضد كل أشكال الاستعمار والاحتلال في بلادنا، تتأكد بالملموس حقائق دامغة ومسلمات راسخة من هذه الحرب التحريرية الوطنية التي يخوضها شعبنا منذ خمسة عقود.
خمسون عاماً من الكفاح البطولي والنضال المستميت هي تأكيد على أن كفاح شعبنا قد وصل إلى نقطة اللاعودة نحو التتويج بالنصر الحتمي المؤزر، والوصول لا محالة إلى هدفه الأسمى؛ بسط سيطرة الدولة الصحراوية على كامل ترابها الوطني، وأن الجمهورية الصحراوية حقيقة وطنية، جهوية، قارية ودولية لا رجعة فيها، وعامل حاسم لا يمكن القفز عليه لضمان التوازن والاستقرار في كامل المنطقة.
خمسون عاماً من مقاومة وصمود جماهير شعبنا، في كل مواقع تواجدها، هي في الوقت ذاته الدليل الأكيد على الفشل الذريع والأبدي للسياسات العدوانية التوسعية لدولة الاحتلال المغربي ولكل مؤامراتها ودسائسها ومحاولاتها العبثية النيل من وحدة وعزيمة وتصميم الشعب الصحراوي.
إن كل هذه الإنجازات وكل هذه المكاسب، كل هذه المؤسسات وكل هذه الهيئات الوطنية، هي إرث الشهداء المقدس، هي نتاج التضحيات الجسام لهذا الشعب الأبي، بالدماء والعرق والدموع، وقد بنيت من أجل تحقيق أهدافه وتلبية احتياجاته وخدمة مصالحه ومراعاة انشغالاته. لا يمكنه التفريط فيها أو القبول بالمساس منها، تماماً مثلما لم ولن يقبل، بأي شكل من الأشكال، أي مساس من وحدته الوطنية، عماد قوته وضامن انتصاره، تحت قيادة ممثله الشرعي والوحيد، رائد كفاحه نحو الحرية والانعتاق، الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب.
في الذكرى الخمسين لتأسيس الجبهة وإعلان الكفاح المسلح، ونحن نخلد اليوم الوطني لجيش التحرير الشعبي الصحراوي، وفي مناسبة جليلة، مفعمة بعبق التضحية والسخاء والبطولة والشجاعة والشموخ، اليوم الوطني للشهداء، يجدد الشعب الصحراوي تشبثه الأبدي الراسخ بالوفاء لعهد الشهداء، والمضي على دربهم المنير، حتى النصر والتحرير.
تحيا الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب
عاش جيش التحرير الشعبي الصحراوي،
المجد والخلود لشهدائنا البررة الكرام،
بالبندقية ننال الحرية،
تصعيد القتال لطرد الاحتلال واستكمال السيادة
شكراً والسلام عليكم. (واص)
090/105/500.