تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

النص الكامل لكلمة رئيس الجمهورية ، الأمين العام للجبهة بمناسبة الذكرى المزدوجة الخمسون لتأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب واندلاع الكفاح المسلح

نشر في

 
ولاية اوسرد ، 20 ماي 2023 (واص) - القى اليوم السبت ، رئيس الجمهورية ، الأمين العام للجبهة السيد ابراهيم غالي كلمة بمناسبة الذكرى المزدوجة الخمسون لتأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب واندلاع الكفاح المسلح ضد الوجود الاستعماري في بلادنا.
وفيما يلي النص الكامل للكلمة :
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الشعب الصحراوي البطل،
مناضلات ومناضلو الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب،
مقاتلو جيش التحرير الشعبي الصحراوي،
الضيوف الكرام،
حلت علينا هذه الأيام الذكرى المزدوجة الخمسون لتأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب واندلاع الكفاح المسلح ضد الوجود الاستعماري في بلادنا.
قبل خمسين عاماً، وبعد تحضيرات ماراطونية في منطقة شاسعة ممتدة على نقاط تواجد الصحراويين في الوطن المستعمر وفي دول الجوار، المغرب والجزائر وموريتانيا وحتى في الخارج، تم الإعلان التاريخي عن تأسيس التنظيم الوطني الثوري الصحراوي، الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب يوم 10 ماي 1973، تتويجاً لمسار طويل من المقاومة الوطنية التي خاضها الصحراويون دفاعاً عن أرضهم وعرضهم وكرامتهم. وفي بيانها التأسيسي، جعلت الجبهة خيار الكفاح المسلح في مقدمة الأولويات، كقرار حاسم ورد صارم على تعنت وغطرسة القوة الاستعمارية الإسبانية، واستخفافها بمطالب الشعب الصحراوي السلمية المشروعة.
وإضافة إلى الرد العاجل على المذبحة التي ارتكبتها السلطات الاسبانية ضد أبناء شعبنا في انتفاضة الزملة في 17 يونيو 1970، فإن تحليلاً عميقاً للواقع الوطني والجهوي والدولي، والمخاطر المحدقة بشعبنا وبوطننا، كلها تفسر المدة الوجيزة الفاصلة بين التأسيس واندلاع الكفاح المسلح، نتيجة لتلك الرغبة الجامحة لدى الرعيل المؤسس للانتقال بالثورة في أسرع وقت إلى مراحل الفعل النشط المؤثر، ومن ثم الانتشارالواسع للوعي الثوري في أوساط الجماهير الشعبية.
وتجسيدا لذلك، جاء اندلاع الكفاح المسلح، لتكون انطلاقته الفعلية هي عملية الخنكة التاريخية في مثل هذا اليوم من شهر ماي 1973، لتتواصل العمليات العسكرية ضد الاستعمار الاسباني، مما فرض عليه، بعد الهزائم التي مني بها، الدخول في مفاوضات مع الجبهة، تمخضت عن التوصل إلى اتفاقيات تسليم السيادة للشعب الصحراوي، بل وتم في مرحلة تالية تبادل الأسرى بين الطرفين الصحراوي والإسباني. غير أن إسبانيا الاستعمارية نكثت بوعودها وتنكرت لها، بل إنها أمعنت في خيانتها من خلال اتفاقيات مدريد التقسيمية الثلاثية مع المملكة المغربية والنظام الحاكم في موريتانيا آنذاك، الأمر الذي فرض على الجيش الصحراوي أن يواجه تحدياً جديداً وصعباً، بشجاعة واقتدار، وأن يتكيف مع التطورات التي فرضت عليه الدخول في مواجهة مع ثلاثة جيوش، مع نهاية سنة 1975.
 وقد كانت الجماهير الصحراوية، في كل مواقع تواجدها، في الموعد، وكلها استعداد وتأهب، حيث سرعان ما التقطت الرسالة، وآمنت بمشروع الجبهة وتبنت مبادءها وأهدافها. وهكذا التحق الشبان والرجال من كل حدب وصوب، زرافات ووحداناً، بتجمعات الثوار، وبدأ الانخراط يتسع شيئاً فشيئاً في خلايا التنظيم الوطني الثوري داخل الوطن وفي دول الجوار وفي الخارج.
 
كان على الجبهة أن تسابق الزمن والمخاطر المحدقة والتطورات المتلاحقة والمؤامرات التي كانت تستهدف إجهاض المشروع الوطني مبكراً، فكانت الجماهير في مستوى التحدي، وانتشر المد الثوري بسرعة وسلاسة. و، في ظرف وجيز، أصبحت الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب القوة السياسية الأولى على التراب الوطني الصحراوي، فيما كان جيش التحرير الشعبي الصحراوي يكبد المستعمر أفدح الخسائر من خلال عمليات نوعية متزايدة، منها على سبيل المثال لا الحصر؛ عمليات قلب الحمار، آكجيجمات، حوزة، التفاريتي، وغيرها.
وبروح نضالية متقدة، وفكر مستنير، وعبقرية فذة، وفهم شامل لمتطلبات المرحلة واستشراف موفق للتحديات، وضعت الجبهة، بقيادة مفجر الثورة، الشهيد الولي مصطفى السيد، أهم الركائز لضمان الاستمرارية والانتصار.  وبعد تأسيس جيش التحرير الشعبي الصحراوي، القوة الضاربة للثورة، جاءت محطات محورية وحاسمة، في مقدمتها إعلان الوحدة الوطنية وتأسيس المجلس الوطني الصحراوي المؤقت وقيام الجمهورية الصحراوية، ومن ثم تنظيم الإدارة الوطنية وتطوير البناء التنظيمي والمؤسساتي للحرطة والدولة، والشروع في مزاوجة، فريدة في تاريخ حركات التحرر، بين مهمتي التحرير والبناء.
الأخوات والإخوة،
لا نعتقد أننا نجانب الصواب إذا قلنا أن ما حققه شعبنا، بقيادة الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، خلال نصف قرن من الزمن، يلامس المعجزة، بما شمله من مكاسب وانتصارات وإنجازات على جميع الصعد والواجهات، في مدة قصيرة في عمر الشعوب والأمم.  إننا نتحدث عن تحول جذري عميق شهده المجتمع الصحراوي الذي عاثت فيه أيادي الاستعمار وحلفاؤه فقراً وتخلفاً وجهلاً وتفرقة وتشتيتاً. إنه انتقال سريع من واقع بائس مقيت، تسيطر فيه عدمية سياسية وخصاص شامل في البنى التحتية والكادر البشري المؤهل، إلى مشروع دولة متكامل، بشعبها الواعي، المتمسك بقيمه وعاداته، والمنفتح على العالم ومبادئ الديمقراطية والتسامح والعدالة، تضطلع فيه المرأة والشباب بمكانة ودور محوريين. بإطاراتها الكفؤة في مختلف التخصصات، من ذوي الخبرة والتجربة ومن خريجي مختلف المعاهد والجامعات في العالم. بمؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية. بخدماتها المختلفة في القطاعات الأساسية، كالتعليم والصحة والإدارة. بمكانتها المستحقة على الساحة الدولية، عضو مؤسس في الاتحاد الإفريقي ونشط في شراكاته مع الدول والمنظمات في العالم. حقيقة وطنية وجهوية وقارية لا رجعة فيها، وعامل توازن واستقرار في المنطقة. وإنها لمناسبة لنتقدم بإشادة خاصة وتنويه مستحق بالدور الطلائعي المشهود للمرأة الصحراوية خلال كل مراحل الكفاح الوطني، منذ التأسيس وإلى يومنا هذا. فتحية إلى المرأة الصحراوية، قوام التحدي والصمود.
كل تلك المكاسب الجبارة لم تكن لتتحقق لولا التضحيات الجسام بالدماء والعرق والدموع، بالبطولات الخالدة، بالصبر والجلد والمعاناة والمكابدة التي قدمها أبناء وبنات الشعب الصحراوي البطل، رجالاً ونساءً، شيباً وشباباً، في كل مواقع تواجدهم، بكل وطنية وتفانٍ وإخلاص.
 
 
في مثل هذا اليوم الخالد إذن، لا يمكن إلا أن نقف وقفة ترحم إجلال وتقدير وإكبار على أرواح كل شهداء ثورة العشرين ماي الخالدة، وفي مقدمتهم، شهيد الحرية والكرامة، الولي مصطفى السيد، وكل من ساروا على الدرب ولم يبدلوا تبديلاً، من أمثال الرئيس الشهيد محمد عبد العزيز، وهم الذين استرخصوا الغالي والنفيس وقدموا أرواحهم الطاهرة الزكية فداء للشعب والوطن، وقدموا الدرس والمثال في الشجاعة والإقدام والثقة المطلقة في قدرة الشعب والقناعة الراسخة بحتمية الانتصار.
الأخوات والإخوة،
وفي هذه الذكرى الخالدة، في اليوم الوطني للجيش، لا يمكن كذلك إلا أن نتوجه بالتحية والتقدير والإجلال إلى أولئك الأسود الأبطال الأشاوس، مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي، الذين سجلوا أروع الصفحات في تاريخ الحروب التحريرية.  فمنذ عملية الخنقة البطولية التي شكلت شرارة الثورة وانطلاقتها الميدانية الفعلية، لم ينفك مقاتلو جيش التحرير الشعبي الصحراوي يقدمون للعالم أجمع دروساً فريدة في تحدي كل الصعاب ومواجهة أعتى المخاطر وابتكار أنجع الطرق والأساليب للتصدي لعدوان همجي تقوده سلطات الاحتلال المغربي لممارسة سياسة إبادة حقيقية في حق الشعب الصحراوي، مدعم بجحافل الجيوش الجراراة وأبشع وسائل التدمير المحرمة دولياً.
كما نهنئ جماهير شعبنا عامة، في كل مواقع تواجدها، رجالاً ونساءً، شيباً وشباباً، بمناسبة الحدث وعلى ذلك الصمود الأسطوري، رغم الظروف القاسية والصعوبات الجمة، الذي حافظت به على القضية الوطنية حاضرة قوية شامخة، في كنف وحدة وطنية راسخة، تتكسر عليها كل مؤامرات العدو ودسائسه واستهدافه الخبيث لجبهتنا الداخلية.
وتحية إلى جماهير شعبنا في الأرض المحتلة وجنوب المغرب التي رافقت مراحل حرب التحرير منذ بداياتها الأولى، ودفعت الثمن غالياً جراء الوحشية والهمجية التي انتهجتها دولة الاحتلال المغربي، راحت ضحيتها أحياناً عائلات بأكملها، قدمت الشهيدات والشهداء البررة والمختطفين والمفقودين والمعتقلين، كانتقام دنئ لقوة الاحتلال جراء هزائمها النكراء على يد الجيش الصحراوي.
تحية إلى أبطال ملحمة اقديم إيزيك وكل الأسرى المدنيين الصحراويين في السجون المغربية، الذين يتقدمون اليوم صفوف انتفاضة الاستقلال التي لا تتوقف بدورها عن تسجيل المزيد من فصول البطولة والتحدي في الأرض المحتلة وجنوب المغرب وفي المواقع الجامعية وغيرها داخل المغرب نفسه.
وهذه مناسبة لنستحضر معاً ذكرى أولئك المفقودين الصحراويين، وفي مقدمتهم الفقيد محمد سيد إبراهيم بصيري، قائد المنظمة الطليعية لتحرير الصحراء ورائد الوعي الوطني الصحراوي، الذي تتحمل الدولة الإسبانية كامل المسؤولية عن الكشف عن مصيره، وكل أولئك الذين ابتلعتهم غياهب السجون ومتاهات الزنازن المغربية منذ الاجتياح العسكري للقوات الملكية المغربية الغازية لبلادنا في 31 أكتوبر 1975، لنؤكد بأن الشعب الصحراوي  سوف لن يتخلى عن المطالبة بالكشف عن الحقيقة الكاملة عن مصيرهم.
الأخوات والإخوة،
إن قرار الشعب الصحراوي باستئناف العمل القتالي ضد قوة الاحتلال المغربي منذ 13 نوفمبر 2020، لم يأت من فراغ، ولم يكن مفاجئاً. يجب ألا يتوقع أحد من الشعب الصحراوي أن يبقى مكتوف الأيدي إلى الأبد إزاء محاولة محمومة ومكشوفة لمصادرة حقوقه المشروعة، عبر القفز على الإطار القانوني للنزاع، القائم على تصفية الاستعمار وتقرير المصير وحق الاستقلال للشعوب والبلدان المستعمرة.
كل هذا مع إمعان دولة الاحتلال المغربي في انتهاج سياسة توسعية عدوانية، لا تنفك تتعدد صورها وأشكالها، من الاعتداء على الجيران واحتلال أراضيهم بالقوة، إلى دعم وتشجيع عصابات الجريمة المنظمة والجماعات الإرهابية، بما في ذلك عبر التدفق المتزايد للمخدرات المغربية وغيرها، وصولاً إلى فتح المجال لأجندات أجنبية ذات أهداف تخريبية، تهدد السلم والأمن والاستقرارفي كامل المنطقة.
وإذا كان السبب المباشر لاستئناف العمل المسلح هو نسف القوات الملكية المغربية لاتفاق وقف إطلاق النار، واحتلالها لأجزاء جديدة من تراب الجمهورية الصحراوية، فإنه في الواقع جاء نتيجة تراكمات من تمادي دولة الاحتلال المغربي في ممارساتها الاستعمارية، الرامية إلى تشريع احتلالها العسكري اللاشرعي لبلادنا، في ظل صمت مريب وتغاضي وتخاذل بل وحتى تآمر على مستوى مجلس الأمن الدولي، رغم التحذيرات والنتبيهات التي قدمتها جبهة البوليساريو في عديد المناسبات.
ومن هنا، ونحن نجدد إرادة التعاون الصادقة لتصفية الاستعمار من آخر مستعمرة في إفريقيا، نطالب بإلحاح الأمم المتحدة، وخاصة مجلس الأمن الدولي، بالإسراع في فرض الضغوط اللازمة على دولة الاحتلال المغربي للامتثال لمقتضيات الشرعية الدولية، وتمكين المينورسو من تنفيذ مهمتها التي كلفها بها في خطة التسوية الأممية الإفريقية لسنة 1991، أي استفتاء تقرير المصير، واتخاذ الإجراء العاجل والمناسب حيال الانتهاك المغربي الصارخ لاتفاق وقف إطلاق النار في الثغرة غير الشرعية في منطقة الكركرات.
الأخوات والإخوة،
وفي هذا اليوم الخالد، نحيي وبحرارة، مع كامل الشكر والتقدير والامتنان، كل الأشقاء والحلفاء والأصدقاء في كل أصقاع العالم، الذين ساندوا ويساندون كفاح شعبنا العادل، وفي مقدمتهم الجزائر الشقيقة. فلا يمكن للشعب الصحراوي أن ينسى جميل الجزائر التي وقفت بكل شموخ من أجل نصرة الشعب الصحراوي المظلوم، في أحلك الظروف، وهو يتعرض لمحاولة إبادة حقيقية بشتى وسائل الدمار، بما فيها الأسلحة المحرمة دولياً. وها هي الجزائر اليوم، بقيادة أخينا الرئيس السيد عبد المجيد تبون، تعزز تشبثها بموقفها المنسجم كامل الانسجام مع ميثاق وقرارات الأمم المتحدة والقانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي و، بشكل خاص، مع مبادئ ومثل ثورة الأول من نوفمبر المجيدة. فكل الشكر والتقدير و العرفان للشعب الجزائري وللدولة الجزائرية الشامخة.
نحيي بقوة القارة الإفريقية، بشعوبها وبلدانها، والتي احتضنت القضية الصحراوية كقضية إفريقية عادلة. ونوجه تحية خاصة إلى حركات التحرر الإفريقية التي جمعتنا بها معركة الأفارقة من أجل تحرير قارتهم من كل أشكال الاستعمار والهيمنة، وهي اليوم حاضرة معنا بقوة، لتجدد موقف التضامن والمؤازرة مع كفاح شعبنا العادل، وتؤكد بأن تحرير إفريقيا لن يكتمل ما لم يكتمل تحرير الصحراء الغربية من ربقة الاحتلال المغربي الغاشم.
وبالمناسبة، نشدد على ضرورة تحرك الاتحاد الإفريقي لفرض تطبيق قانونه التأسيسي، وخاصة احترام الحدود الموروثة عند نيل الاستقلال، وبالتالي إنهاء الاحتلال العسكري المغربي اللاشرعي لأجزاء من الجمهورية الصحراوية، العضو المؤسس في المنظمة القارية.
ونحن نستحضر بتقدير تلك المواقف النبيلة التي سجلها الشعب الموريتاني إلى جانب كفاح شعبنا، منذ بدايات الثورة الصحراوية، فإننا نجدد ارتياحنا لمستوى علاقات الأخوة والصداقة والجوار والمصير المشترك التي تربط الجمهورية الصحراوية مع الشقيقة الجمهورية الإسلامية الموريتانية، وثقتنا في تعزيزها لصالح السلم والأمن والاستقرار والازدهار لبلدينا ولكامل بلدان المنطقة.
التحية موصولة إلى كل الوفود الصديقة والحليفة التي جاءت من كل قارات العالم، من أمريكا اللاتينية وآسيا والعالم العربي، مشيدين بحضورها في هذه المناسبة المتميزة، ومثمنين عالياً رسائل التضامن والمؤازرة التي توصلنا بها من كل القارات تضامنا مع كفاح شعبنا العادل.
ونتوجه بتحية خاصة إلى الحركة التضامنية في أوروبا، مذكرين الاتحاد الأوروبي بضرورة التقيد الكامل بالقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني في الصحراء الغربية، وخاصة احترام قرارات محكمة العدل الأوروبية بخصوص الاتفاقيات مع دولة الاحتلال المغربية. لا يمكن لأوروبا إلا أن تكون في صف الحق والقانون، ولا يمكنها السماح للوبيات الفاسدة، التي تتلقى تمويلها بالرشاوى المغربية، أن تجرها إلى الانتهاك السافر للقانون.
إن جبهة البوليساريو اليوم، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي، ملتزمة بالتعاون والتشاور والحوار مع المؤسسات الأوروبية، في سياق يحترم سيادة الشعب الصحراوي على بلاده وثرواته الطبيعية.
وإذ نحيي الحركة التضامنية الرائدة والقوية مع الشعب الصحراوي على مستوى الشعوب الإسبانية، فإننا نجدد إدانتنا للموقف المخجل لرئيس الحكومة الإسبانية، الداعم لللأطروحة الاستعمارية المغربية، ونذكر بأن الدولة الإسبانية ستبقى مسؤولة، قانونياً وأخلاقياً وسياسياً، ولا يمكنها التنصل منها من جانب واحد، حتى تتم تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية ، بتمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه في تقرير المصير والاستقلال.
الأخوات والإخوة،
ولأن الثورة طويلة الأمد، ولأن الحرب حرب أجيال، فقد سجلت التجربة الصحراوية بافتخار هذا التواصل الطبيعي والضروري بين الأجيال. وقد برهن الشباب الصحراوي على إرادته وقدرته على امتشاق مشعل المسيرة النضالية، وقدم أروع الأمثلة على الوعي والمسؤولية وروح الجدية والاستعداد للانخراط في كل مواقع الفعل والنضال، وتولى المهام والمسؤوليات على مختلف المستويات، وفي جميع الميادين، وبشكل خاص ومتميز على مستوى جيش التحرير الشعبي الصحراوي. ولذلك، فنحن اليوم، بعد نصف قرن من الكفاح والتجربة النضالية، لعلى مطلق الثقة في أن أبناء وبنات ثورة العشرين ماي سيكونون خير خلف لخير سلف، يحفظون العهد ويصونون الأمانة، وسيصلون بسفينة القضية الوطنية إلى بر الأمان والحرية والاستقلال.
فجبهة البوليساريو هي روح الشعب الصحراوي. الشعب الصحراوي هو جبهة البوليساريو، لأنها حركة شعبية من الشعب وإلى الشعب، تستمد وجودها وشرعيتها وقوتها واستمراريتها من الجماهير، ضامنة حرب التحرير. البوليساريو اليوم منظمة قوية ووازنة على الساحة الإقليمة والعالمية، كحركة تحرر وطني معترف بها من الأمم المتحدة كممثل شرعي ووحيد للشعب الصحراوي، وتتمتع بالشخصية الاعتبارية للمرافعة عن الشعب الصحراوي في المحافل الدولية.
لقد قادت البوليساريو الشعب الصحراوي لبلوغ ما بلغه من مكانة ومن فرض الوجود والإقرار بحقه في تقرير المصير والاستقلال، وما حققه من الإنجازات والمكاسب والانتصارات في كل الميادين والمجالات. كل ذلك هو نتاج تضحيات ومعاناة وصمود ومقاومة الشعب الصحراوي خلال نصف قرن من الزمن. إنه الإرث الخالد الذي تركه الشهداء البررة الذين قدموا أرواحهم الطاهرة ودماءهم الزكية في سبيل هدف واحد جامع؛ حرية وكرامة واستقلال الشعب الصحراوي. إنه  غير قابل للإنكار ولا للتبخيس ولا للاستصغار ولا للاستهانة، لأنه حق وملك عام لكل مواطنة ولكل مواطن صحراوي، أينما كان، وهم لا يقبلون المساس منه قيد أنملة.
فخمسون عاماً من التشبث الراسخ، بلا هوادة ولا تردد ولا استستلام، بخيار الكفاح والصمود، مهما كلف من ثمن ومهما تطلب من زمن، حتى بلوغ الهدف النهائي، دليل قاطع على حتمية الانتصار والتتويج ببسط سيطرة الدولة الصحراوية على كامل ترابها الوطني.
بعد خمسين عاماً من إعلان الكفاح المسلح، تحل علينا الذكرى وقد أعلن الشعب الصحراوي مجدداً استئناف الكفاح المسلح. ومثلما كان الأمر سنة 1973، فإنه منذ نهاية 2020، اتخذ الشعب الصحراوي قراره مكرهاً على خيار لا يفضله ولا يتمناه ولكن، في الوقت نفسه، مؤمناً بعدالة قضيته، متشبثاً بحقوقه ومصراً على انتزاعها بكل السبل المشروعة، وفي مقدمتها الكفاح المسلح.
هي ليست انطلاقة جديدة، ولكنها مرحلة مفصلية جديدة في تلك المسيرة الكفاحية، مرحلة من التأهب والتجنيد، خاصة بما ينسجم مع شعار المؤتمر السادس عشر للجبهة؛ تصعيد القتال لطرد الاحتلال واستكمال اليسادة. إنها مرحلة تتطلب منا جميعاً أن نشمر عن سواعد الجد والنضال، أن نعزز من وحدتنا الوطنية، صخرة الصمود وسر الوجود، ونستحضر تلك المحطات المضيئة الناصعة من تاريخ شعبنا المجيد، تلك المبادئ والمنطلقات النبيلة السامية، تلك الملاحم والبطولات والأمجاد التي صنعها جيش التحرير الشعبي الصحراوي، تلك التضحيات الجسام التي قدمتها جماهيرنا في كل مواقعها، وكل الشهيدات والشهداء البررة الذين لن نفيهم ما يستحقون من تقدير وتبجيل ووفاء لعهدهم إلا ببلوغ الانتصار.
فالنصر حتمي وأكيد، وما ضاع حق وراءه مطالب، والشعب الصحراوي، بقيادة ممثله الشرعي والوحيد، الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، هو اليوم، في الذكرى الخمسين لثورته المظفرة،  أكثر قوة وأكثر إصراراً على تتويج حربه التحريرية باستكمال سيادة الجمهورية الصحراوية على كامل ترابها الوطني.
عاشت الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، عاش جيش التحرير الشعبي الصحراوي،  بالبندقية ننال الحرية،  حرب التحرير تضمنها الجماهير،
تصعيد القتال لطرد الاحتلال واستكمال السيادة (واص)
090/100/500