تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

"الكل مدعو الى الالتفاف حول جيش التحرير الشعبي الصحراوي ودعمه بالكفاءات والخبرات في كل المجالات" (كلمة)

نشر في

الشهيد الحافظ ، 31 ديسمبر 2021 (واص) - أكد رئيس الجمهورية الامين العام لجبهة البوليساريو، القائد الأعلى للقوات المسلحة السيد ابراهيم غالي أن الكل مدعو الى الالتفاف حول جيش التحرير الشعبي الصحراوي ودعمه بالكفاءات والخبرات في كل المجالات .
الرئيس ابراهيم غالي وفي كلمته خلال إشرافه على اختتام اشغال الملتقى الموسع لاركانات جيش التحرير الشعبي الصحراوي أوضح " أن كل الصحراويات وكل الصحراويين، أينما تواجدوا، مدعوون اليوم إلى الالتفاف، بكل قوة، حول جيش التحرير الشعبي الصحراوي، ودعمه السخي الدائم، مادياً ومعنوياً، وخاصة عبر مد صفوفه بالكفاءات والخبرات في كل المجالات، ليبقى في جاهزية كاملة ودائمة ".
نص الكلمة :
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة المقاتلون،
نختتم اليوم هذه الطبعة من الاجتماع الموسع لقيادات وإطارات جيش التحرير الشعبي الصحراوي، وهو الاجتماع الذي عكف خلال يومين، وبعد الاجتماعات التي عقدت على مستوى تخصصي، على وضع الخطوط العريضة لبرنامج سنة 2022.
أود في البداية أن أعبر عن كامل التقدير والتهنئة والارتياح إزاء ما شهده الاجتماع من نقاش عميق، مسؤول وبناء، يعكس الجدية والغيرة الصادقة على القضية الوطنية، وروح الاستعداد الدائم لأداء الواجب الوطني بنفس الالتزام الراسخ المعهود لدى جيش التحرير الشعبي الصحراوي.
وقد كان على هذا الاجتماع أن يغطي بعضاً من المحاور التي لم يتم التطرق لها نهاية السنة المنصرمة، بالنظر إلى تعذر عقد الاجتماع المقرر آنئذِ، لظروف موضوعية، ناجمة عن التطورات الميدانية التي أعقبت نسف المغرب لاتفاق وقف إطلاق النار في 13 نوفمبر 2020.
 
لقد لجأ العدو المغربي إلى إشهار التحالف مع القوى الاستعمارية والصهونية، وارتمى في أحضانها بلا حدود، بما في ذلك الانغماس المذل في تنفيذ الأجندات العدوانية الخبيثة التي ترمي إلى زعزعة الأمن والاستقرار في كامل المنطقة، وإخضاع بلدانها وشعوبها للهيمنة والتبعية.
بالنسبة للشعب الصحراوي وطليعته الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب و، بشكل خاص، بالنسبة لجيش التحرير الشعبي الصحراوي، فإن كل ما في الأمر أن دولة الاحتلال المغربي قد لجأت إلى محاولة جديدة من محاولاتها الكثيرة والفاشلة، الرامية إلى إركاع شعبنا وكسر إرادتنا، والتي لن يكون مصيرها إلا كسابقاتها، لأنه سيعرف، كما هو ديدنه، كيفية التكيف مع الظروف والمتغيرات، ومن ثم الرد على تلك المؤامرات والمخططات الجهنمية بحزم وحنكة ، في الوقت وبالشكل المناسبين.
نحن ننطلق من موقف مبدئي منسجم كامل الانسجام مع الحق والقانون والشرعية الدولية، ومندرج في سياق تطبيق ميثاق وقررات الأمم المتحدة والقانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، وخاصة منح الاستقلال للشعوب والبلدان المستعمرة، واحترام الحدود الموروثة غداة الاستقلال. قضيتنا قضية حرية وكرامة ووجود، ونحن ندافع عن حق مقدس، غير قابل للتصرف ولا للتفاوض ولا للمساومة.
ومن هنا، فلا شيء سيثني الشعب الصحراوي، بجيشه المغوار، وبقيادة ممثله الشرعي والوحيد، الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، لا اليوم ولا غداً، عن التشبث بحقه في استكمال سيادة دولته على كامل ترابها الوطني، وتبني كل السبل المشروعة، بما فيها الكفاح المسلح.
الإخوة المقاتلون،
وإذا كانت العروض والنقاشات التي شهدها هذا الاجتماع قد توقفت بالتحليل والدراسة عند أهم ملامح وتحديات المرحلة الراهنة، فإنه من المفيد التذكير بأننا نشهد وضعاً غير مسبوق على مختلف الصعد والواجهات، يتطلب منا مواصلة وتعميق النقاش والدراسة والبحث عن أفضل السبل للتعاطي الفعال مع هذه التطورات الخطيرة.
 
وكبداية، لا بد من تقييم موضوعي ودقيق لسنة كاملة من استئناف الكفاح المسلح، من أجل تحديد نقاط القوة وسبل تعزيزها والاستثمار فيها، والوقوف على مكامن النقص للتخلص منها، بغية بلورة صيغ وآليات التحرك في المستقبل، بما يضمن الفعالية والنجاعة، وصولاً إلى الحسم والانتصار.
لطاما كان جيش التحرير الشعبي الصحراوي هو القاطرة التي تقود بقية مكونات الجسم الوطني، فهو رأس الحربة في معركتنا المصيرية، صانع الانتصارات والمفاخر والأمجاد. جيش التحرير الشعبي الصحراوي كان دائماً، وسيبقى، هو المثال والنبراس والقدوة، ببطولاته وملاحمه الخالدة، بشجاعته المنقطعة النظير وبتضحياته الجسام. فهو مصدر الإلهام ومنبع القوة لدى كل مناضلات ومناضلي شعبنا الأبي، في كل مواقع تواجدهم، وخاصة أولئك الذين يخوضون غمار المقاومة في الأرض المحتلة وجنوب المغرب.
ونحن إذ نتوجه اليوم إلى هذا الجيش المغوار فليس من أجل تلقينه درساً حول واجبه الوطني ودوره المحوري في مقارعة العدو، ولكن فقط من باب الذكرى التي تنفع المؤمنين، بضرورة تحلي القيادات، بشكل دائم، بميزات أساسية، مثل روح الإقدام والتضحية والمسؤولية والمثالية والميدانية والاستمرارية. فلا يخفى عليكم بأن تلك المواصفات، اللصيقة بالعنصر الصحراوي، التي تمثلتها قيادات وأفراد جيشنا على مر تجربته القتالية الفريدة والناجعة، كانت هي الحد الفاصل والحاسم في صنع ونجاح تلك التجربة.
الإخوة المقاتلون،
الحضور الكريم،
إن كل الصحراويات وكل الصحراويين، أينما تواجدوا، مدعوون اليوم إلى الالتفاف، بكل قوة، حول جيش التحرير الشعبي الصحراوي، ودعمه السخي الدائم، مادياً ومعنوياً، وخاصة عبر مد صفوفه بالكفاءات والخبرات في كل المجالات، ليبقى في جاهزية كاملة ودائمة.
في هذا السياق، نسجل ونثمن عالياً الهبة العارمة لجماهير شعبنا، في كل مواقع تواجدها، بالتزامن مع استئناف الكفاح المسلح، وما رافقها من اندفاعة وحماس فياض واستعداد للمساهمة بكل ما تتطلبه المرحلة، وخاصة عبر تدفق أفواج الشباب المتطوعين للالتحاق بصفوف جيش التحرير الشعبي الصحراوي.
 
ولعل من أروع تجليات هذا التجاوب الشعبي العام هي الوقفة البطولية التي تقودها المناضلة سلطانة خيا وعائلتها من مدينة بوجدور المحتلة، وما قامت وتقوم به فعاليات انتفاضة الاستقلال عامة، رغم كل أساليب دولة الاحتلال الغاشم من قمع وتنكيل وحشي وممارسات فظيعة حاطة من الكرامة البشرية، ناهيك عن التضييق والحصار الخانق.
كل ذلك الحراك المقاوم هو فعل نضالي محمود ومطلوب، يعكس إصرار شعبنا الراسخ على رفض واقع الاحتلال، وتشبثه الأبدي بالحرية والاستقلال.إنها أنموذج ونبراس ومثال يحتذى، لتكريس حقيقة وقوة المقاومة الصحراوية، وتجسيد أعلى درجات التناغم والتكامل الدائمين بين كل جبهات معركتنا المصيرية، كشرط لا مناص منه لتتويجها بالنصر المؤزر .
وهذه مناسبة لنجدد رسالة التضامن والمؤازرة مع سلطانة خيا وعائلتها وكل بطلات وأبطال انتفاضة الاستقلال، ونطالب وبإلحاح الأمم المتحدة والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان بتحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية لحماية المدنيين الصحراويين الذين يعانون اليوم من حملات قمعية رهيبة من طرف دولة الاحتلال المغربي. كما نشدد مجدداً على المطالبة بإطلاق سراح الأسرى المدنيين الصحراويين في السجون المغربية، وفي مقدمتهم أسود ملحمة اقديم إيزيك، والكشف عن مصير كل المفقودين الصحراويين.
ويكفي النزر اليسير الذي تمكنت بعض المنابر الإعلامية من رصده بصعوبة بالغة، وفي حضرة المينورسو، للوقوف على مدى الوحشية والهمجية والحقد والانتقام الأعمى الذي تمارسه جحافل جيش الاحتلال المغربي، بمختلف مسمياتها الشكلية، من درك وشرطة وقوات مساعدة غيرها، التي انتشرت بكثافة رهيبة، بزي عسكري ومدني، في شوارع وأزقة بل وأمام منازل المواطنين الصحراويين في المدن الصحراوية المحتلة، لتعيث بطشاً ودماراً في حق من لا ذنب لهم سوى المطالبة سلمياً بتطبيق ميثاق وقرارات الأمم المتحدة.
إنه لمن الظلم البين والإجحاف الصارخ أن تسعى دولة الاحتلال المغربي لمنع الصحراويين من التعبير عن مطالبهم المشروعة في الحرية والاستقلال، ولكنه سيكون أيضاً من الغباء والحماقة والعبث أن تسعى لانتزاع محبة ومكانة الجزائر من قلوبهم، أو منعهم من تشجيع فريق رياضي، أياً كان، وأحرٍ إذا كان المنتخب الجزائري لكرة القدم.
إنها الجزائر، وما أدراك ما الجزائر. إنها المواقف المبدئية النبيلة الراسخة إلى جانب حق الشعوب في تقرير مصيرها واستقلالها. إنها الجزائر التي تقف مع القضايا العادلة والشعوب المضطهدة، وفي مقدمتها الشعب الصحراوي، وتعلن ذلك على رؤوس الأشهاد، في انسجام مع نفسها وتاريخها وعقيدتها، المجسدة في مبادئ ثورة الأول من نوفمبر المجيدة، ومع ميثاق الأمم المتحدة والقانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي.
إنها جزائر النخوة والشهامة والعزة والكرامة والشموخ والإباء التي نفخر أيما فخر ونعتز أيما اعتزاز بما يربطنا بها من علاقات وروابط متجذرة من الأخوة والصداقة والجوار والتحالف الأبدي. فتحية شكر وعرفان وتقدير وامتنان إلى الجزائر الأبية، بقيادة السيد الرئيس عبد المجيد تبون، بشعبها العظيم وجيشها الصنديد، وهي تشق طريقها بثبات نحو السؤدد والرخاء، رغم كيد الأعداء والحاقدين ومؤامراتهم ودسائسهم الخبيثة.
تحية إلى كل أشقاء وأصدقاء وحلفاء الشعب الصحراوي وقضيته العادلة في العالم، وتحية خاصة إلى إفريقيا، قارة الكفاح ضد الاستعمار والأبارتايد، والتي لن تكتمل حريتها إلا بتصفية الاستعمار من آخر مستعمرة إفريقية، الصحراء الغربية .
في الختام، وإذ نشيد بنجاح ونوعية هذا الاجتماع، نتوجه بالتحية والتقدير إلى كل مقاتل من مقاتلينا الأشاوس الأبطال الميامين، المرابطين بعزم وتصميم وثبات في ميادين العز والشرف والإباء، يدكون معاقل العدو المختبئ، جباناً مذعوراً، في جحور الذل والعار.
إنها مناسبة لكي نتذكر، بترحم وإجلال وتقدير وعرفان، شهداءنا البررة الكرام، الذين لم يترددوا لحظة واحدة في تقديم أرواحهم الطاهرة، بكل شجاعة وإقدام، فداء لهذا الشعب الأبي وهذا الوطن الغالي، فتركوا لنا الأمانة وألزمونا بعهد الوفاء للمضي على ذلك الدرب المنير الذي رسموه بدمائهم الزكية، وإنا على العهد لسائرون.
وفقكم الله وسدد خطاكم
كفاح، صمود وتضحية لاستكمال سيادة الدولة الصحراوية.(واص)
090/105/500