تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

رئيس الجمهورية: العدوان وحيازة الأراضى بالقوة، وعدم احترام حدود الدول الأعضاء، تشكل خطرا يهدد استقرار القارة ووجود الاتحاد الافريقى وانسجامه، (كلمة رئيس الجمهورية).

نشر في

الشهيد الحافظ – 9 مارس 2021، واص. قال رئيس الجمهورية السيد ابراهيم غالي، أن القادة الأفارقة، حين رحبوا بطلب انضمام المملكة المغربية إلى الاتحاد الإفريقي سنة 2017، لم يفتهم أن يوضحوا بأن ذلك يهدف إلى تعزيز قدرة الاتحاد الإفريقي على إيجاد حلول إفريقية للمشاكل الإفريقية، وإتاحة الفرصة لجمع شمل دولنا وشعوبنا حول القيم الإفريقية الأساسية للمؤسسين، والمتمثلة في التضامن والوحدة والحرية والمساواة، وفقا لمبادئ وأهداف القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي.
مشيرا ال انه، و بعد مرور أكثر من أربع سنوات، لم نشهد تقدماً في ذلك الاتجاه، بل إمعاناً من المملكة المغربية في تعنتها وانتهاكها الصارخ للقانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي.
نص كلمة رئيس الجمهورية:
مداخلة الأخ إبراهيم غالي، رئيس الجمهورية، الأمين العام للجبهة، خلال اجتماع مجلس السلم والأمن الإفريقي، على مستوى القمة، المنعقد عبر تقنية التواصل عن بعد 09 مارس 2021
------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
فخامة السيد الرئيس
أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة،
أود أن أتوجه، باسمكم جميعاً، بالشكر الجزيل إلى فخامة الرئيس أوهورو كينياتا، رئيس جمهورية كينيا، والرئيس الحالي لمجلس السلم والأمن، على مساعيه الحـثـيـثة الهادفة إلى إحداث تطور نوعي في قدرة الاتحاد الافريقي على حل النزاعات، والقضاء على مظاهر العنف والتطرف وتعزيز آليات الاتحاد في هذا المجال.
اسمحوا لي، فخامة الرئيس، بالتذكير هنا بالدور التاريخي الذى لعبته جمهورية كينيا من أجل إحلال السلام والأمن فى إفريقيا، ومساهمتها فى إيجاد الحلول السلمية لعديد النزاعات على مستوى القارة. وقد ارتبط اسم نيروبى بقبول الطرف المغربى، أمام قمة منظمة الوحدة الإفريقية الثامنة عشر، سنة 1981، بحق الشعب الصحراوى فى تقرير المصير، وبالاستفتاء كوسيلة لتحقيق ذلك، وهذا على لسان الملك الراحل الحسن الثاني.
إننا نشكركم، فخامة الرئيس أوهورو كينياتا، على قيادتكم وعلى مجهوداتكم ومساعيكم الكبيرة من أجل افريقيا التى نسعى جميعا إليها. إفريقيا متمسكة بمبادئها وبأهدافها التى ورثناها عن الآباء المؤسسين، إفريقيا الخالية من الاستعمار ومخلفاته ومن النزاعات، مهما كان نوعها، القادرة على الحديث مع الشركاء بصوت واحد، والمتوجهة نحو تحقيق أجندتها 2063، الرامية إلى الوحدة والاندماج.
ولا يفوتني أن أجدد التهنئة إلى فخامة السيد فيليكس انطوان تشيسيكيدي، رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، رئيس الاتحاد الإفريقي، متمنياً له كل التوفيق والنجاح. كما أهنئ فخامة السيد موسى فقي محمد، رئيس المفوضية، وكل السيدات والسادة المفوضين الذين تم انتخابهم.
كما أتوجه بالشكر إلى مفوضية السلم والأمن والشؤون السياسية، برئاسة السيد اسماعيل شرقي، وما قامت وتقوم به من جهود، ليس فقط لإنجاح هذا الاجتماع، ولكن لتمكين منظمتنا القارية من أداء دورها بفعالية في فض النزاعات وإحلال السلام، متمنين أن يكون تمديد فترة إسكات البنادق إلى غاية 2030 خياراً موفقاً، وأن يكون التمديد الأول والأخير.
السيدات والسادة،
أود في البداية أن أنوه بعقد هذا الاجتماع، بالنظر إلى كونه يعكس إرادة صادقة من رئاسة المجلس وأعضائه للمسارعة إلى تنفيذ قرار القمة الإفريقية الاستثنائية حول إسكات البنادق، المنعقدة شهر ديسمبر المنصرم.
 
 
مع الأسف، ومنذ 13 نوفمبر 2020، عادت رحى المواجهة المسلحة للدوران في الصحراء الغربية، جراء عمل عسكري عدواني قامت به القوات المغربية، واحتلالها لأجزاء جديدة من تراب الجمهورية الصحراوية، في انتهاك صارخ لاتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعه الطرفان، الصحراوي والمغربي، منذ ثلاثين سنة، بإشراف من منظمتي الأمم المتحدة والوحدة الإفريقية، في إطار خطة التسوية التي تنص على تنظيم استفتاء لتقرير المصير.
إن المجتمع الدولي ( الأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي، ومحكمة العدل الدولية، ومحكمة العدل الأوروبية وغيرها)  يعتمد الوضع القانوني الواضح فيما يتعلق بكل من الصحراء الغربية والمملكة المغربية، كبلدين منفصلين ومتمايزين. ولذلك، فالجمعية العامة للأمم المتحدة، وخاصة في قراريها 34/37 المؤرخ في 21 نوفمبر 1979، و 35/19 المؤرخ في 11 نوفمبر 1980، صنفت الوجود المغربي في الصحراء الغربية بأنه احتلال، وطالبت بإنهائه.
لقد فُـرض على الشعب الصحراوي مرة أخرى، كما حدث يوم 31 أكتوبر 1975، إبان الاجتياح العسكري المغربي اللاشرعي للصحراء الغربية، أن يلجأ إلى الدفاع عن نفسه وعن حقه بالكفاح المسلح، كوسيلة مشروعة تكفلها المواثيق الدولية. إننا نحمل المملكة المغربية المسؤولية الكاملة عن هذا التصعيد الجديد، وما يمثله من تهديد للسلم والاستقرار في المنطقة، جراء عرقلتها المستمرة لتطبيق الخطة الأممية الإفريقية، وخرقها السافر لاتفاق وقف إطلاق النار، وسياساتها وممارساتها الاستعمارية الرامية إلى تشريع الاحتلال، وانتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان، ونهبها للثروات الطبيعبية الصحراوية.
ولكننا نضع الاتحاد الإفريقي أمام مسؤوليته وواجبه تجاه هذه القضية الإفريقية. فالقول بأنه لا ينبغي للاتحاد أن يضطلع بدور أساسي في ملف الصحراء الغربية، إلى جانب الأمم المتحدة، هو قول مناف للحقيقة التاريخية، ويتعارض مع مسؤولية الاتحاد الإفريقي في الدفاع عن مبادئه وأهدافه.
فالاتحاد الإفريقي ليس مجرد شريك للأمم المتحدة في عملية السلام، بل هو الجهة التي عملت على مدار سنوات طويلة، وعبر جهود مضنية، أفضت إلى إقرار اللائحة 104 لسنة 1983، والتي شكلت الأساس الذي قامت عليه خطة التسوية الأممية الإفريقية لسنة 1991.
وللتاريخ، يجب أن نذكر بأن منظمتنا القارية قد كانت عرضة، في أكثر من مرة، لتصرفات غير مسؤولة، قامت بها المملكة المغربية، من قبيل وصفها بمجموعة من قارعي الطبول أو من قبيل الطرد المهين للمكون الإفريقي الشريك في بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية، المينورسو.
إن عدم اتخاذ موقف صارم من مثل هذا الطرد، الذي لم تتم معالجته إلى اليوم، لا من قبل الأمم المتحدة ولا من قبل الاتحاد الإفريقي، شجع المملكة المغربية على المضي في الاستهانة بمنظمتنا القارية، بالسعي المكشوف لتفريغها من واجبها ومسؤوليتها وقدرتها على استكمال تصفية الاستعمار من القارة وحل القضايا الإفريقية، مثل النزاع القائم بين الجمهورية الصحراوية والمملكة المغربية.
فالقادة الأفارقة، حين رحبوا بطلب انضمام المملكة المغربية إلى الاتحاد الإفريقي سنة 2017، لم يفتهم أن يوضحوا بأن ذلك يهدف إلى تعزيز قدرة الاتحاد الإفريقي على إيجاد حلول إفريقية للمشاكل الإفريقية، وإتاحة الفرصة لجمع شمل دولنا وشعوبنا حول القيم الإفريقية الأساسية للمؤسسين، والمتمثلة في التضامن والوحدة والحرية والمساواة، وفقا لمبادئ وأهداف القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي.
ولكن، بعد مرور أكثر من أربع سنوات، لم نشهد تقدماً في ذلك الاتجاه، بل إمعاناً من المملكة المغربية في تعنتها وانتهاكها الصارخ للقانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي. إن العدوان وحيازة الأراضى بالقوة، وعدم احترام حدود الدول الأعضاء، تشكل كلها أكبر خطر يهدد استقرار القارة ووجود الاتحاد الافريقى وانسجامه،  بالإضافة إلى أنها تعتبر سوابق لا يمكن السكوت عنها. فهل نقبل أن تتحول دولة إفريقية إلى قوة استعمارية تنسف جميع المبادئ والقيم المشتركة لمنظمتنا وشعوبنا؟.
فخامة الرئيس،
إصحاب الفخامة والمعالي والسعادة،
إننا نتوجه إليكم بغية إنصاف الشعب الصحراوي، الذي  تعاطى بكل جدية مع  مساعي المجتمع الدولي الرامية إلى تصفية الاستعمار من  آخر معاقله بإفريقيا، والذي وضع  ثقته التامة  في الهيئات الإقليمية والدولية، التي تضطلع بمسؤولية الدفاع عن الشرعية الدولية.
نحن نسجل جملة قرارات الاتحاد الإفريقي بشأن النزاع في الصحراء الغربية، وندعو إلى التعجيل بتطبيقها، بما فيها قرار القمة الاستثنائية حول إسكات البنادق، ديسمبر 2020. وإننا في الجمهورية الصحراوية، نبلغكم استعدادنا التام لتطبيق هذا القرار، الذي نص على العمل لحل النزاع القائم بين الدولتين العضوين بالاتحاد، الجمهورية الصحراوية والمملكة المغربية، تماشيا مع مبادئ وأهداف القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي وقراراته وتوصيات الأمم المتحدة ذات الصلة.
إننا نلتمس منكم، باسم القيم المشتركة، المساهمة الفعالة في إحلال السلام بين الجمهورية الصحراوية وجارتها المملكة المغربية، على أساس احترام الحدود وعدم حيازة الأراضي بالقوة، واحترام سيادة الدول الأعضاء ووحدة وسلامة أراضيها وحق الشعوب الإفريقية، بدون تمييز، في تقرير المصير والاستقلال والسيادة.
شكراً والسلام عليكم.
090/201، واص.