تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

إنهاء الاستعمار من الصحراء الغربية: مهمة الأمم المتحدة التي لم تُنجز بعد (ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة)

نشر في

نيويورك (الأمم المتحدة) 26 ماي 2020 (واص)- أصدر عضو الأمانة الوطنية لجبهة البوليساريو وممثلها لدى الأمم المتحدة، السيد سيدي محمد عمار، بيانا بمناسبة الأسبوع السنوي لتصفية الاستعمار، الذي يوافق كذلك اليوم السنوي لأفريقيا، يوم 25 ماي من كل سنة، مذكرا فيه باستمرار الاحتلال المغربي للصحراء الغربية التي تبقى أجزاء منها تحت الاحتلال المغربي.
وأكد الدبلوماسي الصحراوي كذلك استمرار مسؤولية اسبانيا، بصفتها القوة المديرة وفق القانون الدولي حتى وإن تخلت عن مسؤولياتها، عن مواكبة تصفية الاستعمار حتى استكماله من الأجزاء المحتلة من الصحراء الغربية.
وفي ما يلي النص الكامل للبيان كما توصلت به واص:
"إنهاء الاستعمار من الصحراء الغربية: مهمة الأمم المتحدة التي لم تُنجز بعد
25 ماي 2020
تحيي الأمم المتحدة هذه الأيام أسبوع التضامن مع شعوب الأقاليم الخاضعة لتصفية الاستعمار طبقاً لقرار الجمعية العامة 91/54 المؤرخ 6 ديسمبر 1999 الذي قررت بموجبه الاحتفال سنوياً بأسبوع التضامن مع شعوب الأقاليم غير المحكومة ذاتياً ابتداءً من يوم 25 ماي من كل سنة، مع تأكيدها من جديد على أن وجود الاستعمار بأي شكل أومظهر أمر يتنافى مع ميثاق الأمم المتحدة وإعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمَرة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وكما هو معلوم، فقد تبنت الجمعية العامة القرار 1514 (د-15) المتضمن لإعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمَرة بتاريخ 14 ديسمبر 1960، الذي أعلنت فيه رسمياً ضرورة وضع حد بسرعة وبدون قيد أو شرط للاستعمار بجميع صوره ومظاهره. كما نصت، لذلك الغرض، على جملة من المبادئ من بينها العمل على اتخاذ التدابير الفورية اللازمة لتمكين شعوب الأقاليم غير المحكومة ذاتياً من التمتع بالاستقلال والحرية التامين (الفقرة 5 من المنطوق).
ويعتبر إقليم الصحراء الغربية، الذي تقع الآن أجزاء منه تحت الاحتلال غير الشرعي من قبل المملكة المغربية، أحد الأقاليم السبعة عشر الخاضعة لعملية تصفية الاستعمار منها منذ أن تم إدراج الإقليم (باسم "الصحراء الإسبانية" كما كان يُسمى حينذاك) في قائمة الأقاليم التي ينطبق عليها قرار الجمعية العامة 1514 (د-15)، وهي القائمة التي تبنتها اللجنة الخاصة المعنية بحالة تنفيذ إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمَرة في 1963 وصادقت عليها الجمعية العامة في نفس السنة.
وقد كان إدراج إقليم الصحراء الغربية في لائحة الأقاليم غير المحكومة ذاتياً اعترافاً دولياً بحق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال وبمسؤولية الأمم المتحدة تجاه الإقليم وشعبه، وبضرورة إنهاء الاستعمار من الإقليم طبقاً لقرار الجمعية العامة 1514 (د-15)، وهي العملية التي عُهد بمسؤوليتها للدولة القائمة بالإدارة آنذاك، أي إسبانا، بالتعاون مع الأمم المتحدة وخاصةً في ظل "الأمانة المقدسة" المُلقاة على عاتق إسبانيا تجاه سكان إقليم الصحراء الغربية طبقاً للفصل الحادي عشر من ميثاق الأمم المتحدة.
وفي هذا الإطار، كانت دعوات الجمعية العامة المتكررة لإسبانيا، بوصفها الدولة القائمة بالإدارة في إقليم الصحراء الغربية، باتخاذ جميع التدابير اللازمة لتصفية الاستعمار من الإقليم ابتداءً من قرار الجمعية العامة 2072 (د-20) وما تلاه من قرارات.
وكما هو معلوم أيضاً، فإن إسبانيا لم تفِ بالتزاماتها كدولة قائمة بالإدارة في إقليم الصحراء الغربية ولا بما تقتضيه "الأمانة المقدسة" المُلقاة على عاتقها تجاه الشعب الصحراوي، بل إنها قامت بتوقيع اتفاقية ثلاثية مع كل من المغرب وموريتانا في 14 نوفمبر 1975، لتعلن بعد ذلك في 26 فبراير 1976 عن اعتبار نفسها من ذلك الحين فصاعداً في حِل من كل مسؤولية ذات طبيعة دولية تتعلق بإدارة إقليم الصحراء الغربية كمبرر لانسحابها من الإقليم.
لكن الحقيقة المؤكدة هي أن كل من اتفاقية مدريد، التي تعتبر باطلة ولاغية قانوناً، وإعلان إسبانيا التخلي عن مسؤوليتها تجاه إقليم الصحراء الغربية، لم يغيرا أو يؤثرا على الطبيعة القانونية للصحراء الغربية كإقليم خاضع لتصفية الاستعمار. فالجمعية العامة للأمم المتحدة، التي لها الصلاحية الحصرية بشأن المسائل المتعلقة بالأقاليم غير المحكومة ذاتياً، لم تتخذ قط أي قرار أو توصية تعفي إسبانيا رسمياً من مسؤوليتها تجاه إقليم الصحراء الغربية مما يعني عدم اعتراف الجمعية العامة بإعلان اسبانيا المذكور كقرار ذي أثار قانونية فيما يخص إقليم الصحراء الغربية، ومسؤولية إسبانيا القانونية تجاهه.
أما فيما يخص الاتفاقية الثلاثية، فقد أكد وكيل الأمين العام والمستشار القانوني للأمم المتحدة في استشارته القانونية، التي قدمها بطلب من مجلس الأمن، بتاريخ 29 يناير 2002، "إن اتفاقية مدريد لم تنقل السيادة على الإقليم كما أنها لم تمنح لأي من الموقعين صفة الدولة القائمة بالإدارة—وهو وضع لم يكن لإسبانيا وحدها نقله من جانب واحد. كما أن نقل السلطة الإدارية على الإقليم إلى المغرب وموريتانيا عام 1975 لم يؤثر على الوضع الدولي للصحراء الغربية كإقليم غير محكوم ذاتياً" (الفقرة6).
إن كل ما تقدم يؤكد حقيقتين جوهريتين:
أولاً، حقيقة أن تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية لم تتم بعد وأن إسبانيا ماتزال هي الدولة القائمة بالإدارة بحكم القانون كما أكدت على ذلك المحكمة الإسبانية نفسها في 4 يوليو 2014 حين حكمت بوضوح أن "إسبانيا بحكم القانون، ولو أنها ليست كذلك بحكم الأمر الواقع، تظل هي الدولة القائمة بالإدارة. وهكذا، وحتى استكمال عملية إنهاء الاستعمار، فإن عليها الالتزامات المنصوص عليها في المادتين 73 و74 من ميثاق الأمم المتحدة" (الفقرة د).
وثانياً، حقيقة أن المغرب يبقى دولة محتلة لأجزاء من الصحراء الغربية كما أكدت على ذلك الجمعية العامة للأمم المتحدة في قراريها 34/37 المؤرخ 21 نوفمبر 1979 و 35/19 المؤرخ 11 نوفمبر 1980، اللذين طالبت فيهما المغرب بإنهاء احتلاله لإقليم الصحراء الغربية.
وعلاوة على مواد ميثاق الأمم المتحدة وقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن ذات الصلة بتقرير المصير، فإن الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية حول الصحراء الغربية للعام 1975 يعتبر مرجعاً أساسياً للتأسيس القانوني لحق تقرير المصير كحق غير قابل للتصرف وذي طابع قطعي من وجهة القانون الدولي.
وفيما يتعلق بمسألة الصحراء الغربية، تجدر الإشارة إلى تأكيد المحكمة في رأيها الاستشاري على مسلمتين رئيسيتين، أولاهما أن الصحراء الغربية لم تكن أرضاً لا مالك لها (terra nullius) عند بدء الاستعمار الإسباني لها بحكم أنها كانت مأهولة بمجموعات لها تنظيمها الاجتماعي والسياسي الخاص (الفقرة 81) والتي تشكل بمجموعها العنصر البشري المجسد للسيادة على الإقليم، وثانيها عدم وجود أي رابط للسيادة الإقليمية بين إقليم الصحراء الغربية والمملكة المغربية أو الكيان الموريتاني (الفقرة 162).
وهكذا، وبناءً على هاتين المسلمتين خلصت المحكمة إلى استنتاجها المنطقي، الذي يلخص جوابها على السؤالين اللذين طُرِحا عليها، والمتمثل في عدم وجود أي روابط قانونية من شأنها "التأثير على تطبيق قرار الجمعية العامة 1514 (د -15) في إنهاء الاستعمار في الصحراء الغربية، وعلى وجه الخصوص تطبيق مبدأ تقرير المصير من خلال التعبير الحر والصادق عن إرادة سكان الإقليم" (الفقرة 162).
إن حكم محكمة العدل الدولية، التي تعتبر الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة، وضع وبنحو لا لبس فيه الأساسين القانونين اللذين يجب أن ترتكز عليهما عملية استكمال تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية. أولاً، إن السيادة على إقليم الصحراء الغربية مجسدة في الشعب الصحراوي، وثانياً، ونتيجةً لذلك، فإن الشعب الصحراوي هو الوحيد الذي له الحق في أن يقرر، عبر التعبير الحر والصادق، وضع إقليم الصحراء الغربية طبقاً لقرار الجمعية العامة 1514 (د-15) والقرارات ذات الصلة بإنهاء الاستعمار.
وتجدر الإشارة هنا إلى تأكيد محكمة العدل الدولية على ضرورة أن يكون التعبير عن إرادة الشعب الصحراوي حراً وحقيقاً، بمعنى وجوب أن يتم هذا التعبير دون أي تدخل أجنبي من أي نوع وأن يتم مباشرة من قبل الشعب الصحراوي نفسه عبر الوسائط الديمقراطية المعمول بها دولياً.
ونحن إذا نحيي هذه الأيام أسبوع التضامن مع شعوب الأقاليم الخاضعة لتصفية الاستعمار يحضرنا بعض ما قاله الأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيريش، أثناء افتتاحه لأعمال لجنة الأمم المتحدة المعنية بإنهاء الاستعمار (لجنة الأربعة والعشرين) في 21 فبراير 2019، حيث قال إن إنهاء الاستعمار يعد أحد أهم الفصول في تاريخ الأمم المتحدة، إلا أن قصته ما زالت تكتب إذ يوجد 17 إقليما غير محكوم ذاتياً.
إن الشعب الصحراوي مازال ينتظر بجلد ورسوخ عزم أن تستكمل الأمم المتحدة مهمتها في الصحراء الغربية من خلال اتخاذ التدابير الفورية اللازمة لتمكين شعبنا من التمتع بالاستقلال والحرية التامين، لكي تتمكن إفريقيا عندها من طي آخر صفحة من إحدى الفصول الأكثر بشاعة ووحشية في تاريخ قارتنا.
سيدي محمد عمار
عضو الأمانة الوطنية لجبهة البوليساريو
ممثل الجبهة لدى الأمم المتحدة". (واص)
090/500/60 (واص)