تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

النص الكامل لكلمة رئيس الجمهورية، الأمين العام للجبهة خلال إشرافه على افتتاح أشغال الجامعة الصيفية للأطر الصحراوية في طبعتها التاسعة

نشر في

بومرداس (الجزائر)، 04 غشت 2018 (واص) - القى اليوم السبت رئيس الجمهورية ، الأمين العام لجبهة البوليساريو السيد إبراهيم غالي كلمة خلال إشرافه على افتتاح أشغال الجامعة الصيفية لأطر جبهة البوليساريو والدولة الصحراوية المنعقدة بولاية بومرداس الجزائرية  .  
كلمة الأخ إبراهيم غالي، رئيس الجمهورية، الأمين العام للجبهة، خلال افتتاح أشغال الجامعة الصيفية لإطارات الجبهة والدولة الصحراوية. بومرداس، 04 أغسطس 2018
بسم الله الرحمن الرحيم
السيد والي ولاية بومرداس،
السيد رئيس اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي،
سعادة السفراء وومثلي السلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر،
السيدات والسادة ممثلي الأحزاب السياسية،
السيدات والسادة ممثلي المنظمات الوطنية والمجتمع المدني،
السيدات والسادة ممثلي وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة،
السيدات والسادة
سعداء بأن نكون معكم ونحن نفتتح أشغال الطبعة التاسعة للجامعة الصيفية لإطارات جبهة البوليساريو والدولة الصحراوية، جامعة الشهيد البخاري أحمد. وإنني أتوجه في البداية بالتحية والتقدير إلى كل من ساهم، من قريب أو بعيد، في التحضير والإعداد لهذا النشاط الفكري والتكويني الرائع.
وأود هنا أن  أتوجه بشكر خاص إلى اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي، بقيادة الدكتور سعيد العياشي، وإلى ولاية بومرداس المضيافة التي طالما احتضنت دفعات الأطر الصحراوية، وإلى المعهد الجزائري للبترول ومن خلاله إلى مفخرة الاقتصاد الجزائري، شركة سوناطراك.
وأتوجه بالتحية إلى الأساتذة الأفاضل الذين اقتطعوا من وقتهم الثمين، ونحن في فصل الصيف وموسم العطل، لينخرطوا في مهمة حضارية نبيلة، وينقلوا ما حباهم الله به من علم ومعرفة وخبرة إلى الإطارات الصحراوية، فلهم جزيل الشكر وخالص العرفان.
وبالمحصلة، وباسم شعب وحكومة الجمهورية الصحراوية وقيادة جبهة البوليساريو، أتقدم بأصدق عبارات الشكر والتقدير والعرفان إلى الجزائر عامة، بكل سلطاتها وبكل هيئاتها ومؤسساتها وأحزابها ومجتمعها المدني، بقيادة فخامة الرئيس المجاهد، عبد العزيز بوتفليقة.
وليس الأمر غريباً على الجزائر، بلد ثورة الأول من نوفمبر المجيدة، بلد المليون ونصف المليون من الشهداء الأبرار، بلد المجاهدين الأبطال الأفذاذ، البلد التضامن والكرم والسخاء، حليف الشعوب المضطهدة، المكافحة من أجل الحرية والانعتاق من ربقة الاستعمار، في انسجام كامل مع مقتضيات الشرعية الدولية وقراراتها.
السيدات والسادة،
إن هذه المحطة مناسبة متجددة للإطارات الصحراوية لكي تتلقى العلم وتصقل الخبرات وتستقي التجارب، على يد نخبة من خيرة العلماء والمفكرين والخبراء والمختصين الجزائريين الأجلاء. فهي فرصتكم، أيتها المناضلات أيها المناضلون الصحراويون ، لتعمقوا معارفكم وتحدِّثوا آراءكم وتصوراتكم إزاء التطورات والمتغيرات والتحديات التي تعرفها المنطقة والبشرية جمعاء، في مجالات وساحات وقطاعات كثيرة، سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية وغيرها.
إنها فرصتكم لتمتحوا من معين التجربة الجزائرية الغنية، الناصعة، المتميزة والرائدة، في الماضي كما في الحاضر، بزخمها النضالي الزاخر وإرثها الكفاحي الخالد، ودورها الحاسم في مسار التحرر في إفريقيا وآسيا والعالم. إنها فرصتكم للاستفادة من تجربة الجزائر المستقلة، جزائر العزة والنخبة والكرامة، جزائر المؤسسات والورشات المفتوحة، بخبرتها الدبلوماسية ودورها المشهود عالمياً في مكافحة التطرف والإرهاب وفي ميادين الأمن وحل النزاعات، حتى احتلت مكانتها المرموقة،عن جدارة واستحقاق، جهوياً وقارياً ودولياً.
السيدات والسادة،
لقد شهدت القضية الوطنية في السنوات الأخيرة وتيرة متصاعدة من المكاسب والانتصارات. وإننا لنسجل في هذا السياق ما حققته الدولة الصحراوية من تكريس لمكانتها داخل الاتحاد الإفريقي، الذي وقف بحزم في وجه المحاولات المحمومة لدولة الاحتلال المغربي، والرامية إلى انتهاك مبادئه وقانونه التأسيسي وقراراته ووحدته وانسجامه. وإن مشاركة الجمهورية الصحراوية، جنباً إلى جنب مع المملكة المغربية في اجتماعات وقمم المنظمة القارية، بما فيها المتعلقة بالشراكات مع أطراف دولية، مثل قمة الشراكة الأوروبية الإفريقية في أبيدجان، جعلت الاتحاد الإفريقي يطالب، خلال قمته الثلاثين، من الأمم المتحدة أن تحدد تاريخاً لتنظيم استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي، انطلاقاً من خطة التسوية الأممية الإفريقية لسنة 1991. كما أن القمة الحادية والثلاثين في نواكشوط قررت إنشاء آلية إفريقية، تعمل على حل النزاع المغربي الصحراوي، بالتعاون مع الأمم المتحدة.
وإننا بهذه المناسبة، ونحن نجدد التشبث بحقنا وبضرورة الإسراع في إنهاء الاحتلال المغربي لأجزاء من الجمهورية الصحراوية، واستعدادنا للتعاون مع جهود الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي لاستكمال تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية، آخر مستعمرة في إفريقيا، فإننا ندعو إلى التطبيق الفوري لقرار مجلس الأمن الدولي 2414، والقاضي بالشروع في مفاوضات مباشرة بين الطرفين الصحراوي والمغربي، بحسن نية وبدون شروط مسبقة، للتوصل إلى حل نزاع الصحراء الغربية، في انسجام مع ميثاق وقرارات الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.
كما نسجل بارتياح إصدار محكمة العدل الأوروبية لقرارات متتالية، صريحة وواضحة، تعزز ترسانة قرارات وتوصيات مماثلة أصدرتها الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وغيرهما، وتؤكد بأن الصحراء الغربية والمملكة المغربية بلدان منفصلان ومتمايزان، وأنهلا يمكن لأي اتفاق مع المغرب أن يشمل الأراضي أو المياه الإقليمية الصحراوية. فقرارات محكمة العدل الأوروبية أكدت بما لا يدع مجالاً للشك أن أي ممارسة من هذا القبيل عرقلة صريحة لممارسة الحق المقدس في تقرير المصير. ومن هنا، فنحن نندد بالمحاولات التي تقوم بها أطراف معروفة داخل الاتحاد الأوروبي بهدف الالتفاف والتحايل على هذه القرارات، وبالتالي انتهاك القانون الأوروبي والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
الشعب الصحراوي، بقيادة ممثله الشرعي والوحيد، جبهة البوليساريو، سيلجأ إلى كل الطرق القانونية المتاحة للتصدي لمثل هذه الممارسات غير القانونية وغير الأخلاقية والتي تشجع سياسات التوسع والعدوان وانتهاكات حقوق الإنسان ونهب الثروات الطبيعية التي تنتهجها دولة الاحتلال المغربي في الأجزاء المحتلة من الجمهورية الصحراوية.
السيدات والسادة،
رغم كل البطش والجبروت وأساليب القمع الوحشي والتنكيل والترهيب التي تمارسها دولة الاحتلال المغربي في حق المدنيين الصحراويين العزل، تأبى انتفاضة الاستقلال في الأرض المحتلة وجنوب المغرب والمواقع الجامعية إلا أن تواصل ملاحمها البطولية، وتسجل بأحرف من ذهب مكانتها في المعركة الوجودية التي يخوضها الشعب الصحراوي. ونحن نرحب معكم بوفد المناضلات والمناضلين القادمين من تلك الربوع، وندين بأشد عبارات الإدانة ممارسات دولة الاحتلال، فإننا على ثقة ويقين مطلق بأن الجماهير الصحراوية ستواصل رفع التحدي وتأجيج المقاومة السلمية الحضارية الراقية، الرافضة للاحتلال المغربي، المصرة على نيل حق الشعب الصحراوي، غير القابل للتصرف، في تقرير المصير والاستقلال.
وبهذه المناسبة نحيي بحرارة كل بطلات وأبطال انتفاضة الاستقلال، ونشد على أياديهم ونرفع آيات التقدير والتضامن والمؤازرة مع معتقلي أقديم إيزيك ومعتقلي الصف الطلابي والمعتقلين الإعلاميين وامبارك الداودي ويحي محمد الحافظ إيعزة وجميع المعتقلين السياسيين الصحراويين في السجون المغربية. إننا نطالب الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عامة والمنظمات والجمعيات المعنية بالتدخل من أجل إطلاق سراحهم فوراً.
فوجود هؤلاء المعتقلين في السجون المغربية هو انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، لكونهم مجرد مدافعين عن القانون وعن حقوق الإنسان، اعتقلتهم وحاكمتهم، ظلماً وجوراً، قوة احتلال عسكري لا شرعي، في منطقة لم تتمتع بعد بتقرير المصير.
السيدات والسادة،
تحمل هذه الطبعة اسم الشهيد البخاري أحمد، أحد رجالات القضية الصحراوية، نافح عنها بكل إخلاص وصدق ما عاهد الله عليه، وسار على درب رفاقه من الشهداء الأبطال، الذين حملت طبعات سابقة من هذه الجامعة أسماء بعضهم، من أمثال الولي مصطفى السيد ومحمد عبد العزيز والمحفوظ اعلي بيبا والخليل سيد أمحمد وغيرهم.
وأن تحمل هذا الطبعة من الجامعة الصيفية للأطر الصحراوية شعار : " الذكرى الخامسة والأربعين لتأسيس جبهة البوليساريو واندلاع الكفاح المسلح، عهد واستمرارية، لنيل الاستقلال والحرية "، فتلك رسالة من الشعب الصحراوي، يبعثها بفخر واعتزاز من الجزائر، من مكة الثوار وقبلة الأحرار، حبلى بمعاني الأخوة والتضامن والصداقة والتحالف الأبدي بين الشعبين الشقيقين، الجزائري والصحراوي. وإننا ونحن نتذكر هذه الرموز الوطنية الخالدة ونترحم على كل الشهداء البررة الكرام، شهداء الجزائر وشهداء الصحراء الغربية، نستحضر قيم الوفاء والمضي على عهد الكفاح والمقاومة والصمود التي يتشبث بها الشعب الصحراوي البطل، وهو يخوض حربه التحريرية الوطنية من أجل الحرية والكرامة وإقامة دولته المستقلة، الجمهورية الصحراوية، على كامل ترابها الوطني.
وها هي القضية الوطنية اليوم تتقدم بخطوات ثابتة نحو الانتصار الحتمي، في كنف وحدة وإجماع الشعب الصحراوي، في كل مواقع تواجده، في الأرض المحتلة وجنوب المغرب، في الأراضي المحررة ومخيمات العزة والكرامة، في الأرياف والجاليات والشتات، بقيادة الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب. فالشعب الصحراوي متشبث كامل التشبث بحقوقه العادلة المشروعة، مهما كلفه ذلك من صمود ومعاناة وتضحيات. وفي مقدمة هذا الشعب جيش التحرير الشعبي الصحراوي، المـتأهب والمرابط في الميدان، بالمرصاد لدولة الاحتلال المغربي وسياساتها العدوانية والتخريبية ومخدراتها التي تشكل خطراً داهماً على أمن استقرار المنطقة وشعوبها.وإن لنا في الجزائر الشامخة وشعبها العظيم وثورتها المظفرة وتضحياتها الجسام وشهدائها البررة ومجاهديها الأبطال المثال الناصع والدليل القاطع على حتمية الانتصار.
نحن على قناعة راسخة وثقة كاملة بأن مثل هذه المحطات التكوينية الراقية سيكون لها بالغ الأثر في تأهيل الإطارات الصحراوية حتى تكون في مستوى المتطلبات الملحة لحاضر القضية الوطنية ومستقبل الدولة الصحراوية. وإذ نهنئكم على هذه السانحة الثمينة، فإننا نتوسم فيكم ونتمنى لكم التجاوب المثالي والتفاعل النشط والاستفادة الوافرة والنجاح الكامل.
عاش التضامن بين الشعبين الجزائري والصحراوي،
كل التوفيق والنجاح لجامعة الشهيد البخاري أحمد،
كل الشكر والامتنان للجزائر العظيمة، حكومة وشعباً، وإلى كل الوفود الشقيقة والصديقة الحاضرة معنا،
قوة، تصميم وإرادة، لفرض الاستقلال والسيادة، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. (واص)
090/105/500.