تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

انضمام المغرب إلى مجلس السلم والأمن الإفريقي لن ينفعه في شيء (حوار)

نشر في

انضمام المغرب إلى مجلس السلم والأمن الإفريقي لن ينفعه في شيء 
المحلل السياسي الصحراوي ماء العينين لكحل لـ«الشعب»:
http://www.ech-chaab.com/ar/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%AA-…
أجرى الحوار: حمزة محصول  الثلاثاء 20 فيفري 2018
الرباط متردّدة في التعاطي مع كوهلر وسترضخ في النهاية
أكد ماء العينين لكحل، المحلل السياسي الصحراوي، أن انضمام المغرب إلى مجلس السلم والافريقي، لن يفيده في شيء، وسيكتشف أنه لن يحقّق أية انتصارات وإنما وقع في ورطة أكبر، مشيرا إلى أن اتخاذ كوهلر برلين مقراً لعمله أزعج الرباط ووضعها في حجمها الطبيعي.
«الشعب»: وزير الخارجية المغربي وبعد نيل بلاده عضوية مجلس السلم والأمن الافريقي قال إن «المهمة اكتملت» بمعنى أن الغاية الأساسية من العودة إلى الاتحاد الافريقي هي بلوغ مجلس السلم والأمن، ماذا يسعى المغرب لتحقيقه من وراء هذه العضوية؟
ماءالعينين لكحل: هذا مجرد ذر للرماد في العيون، ومحاولة بائسة للتغطية على الضربة القوية التي تلقاها المغرب خلال اجتماعات قمة الاتحاد الأفريقي الماضية في أديس أبابا في شهر جانفي. فحصول المغرب على العضوية في مجلس السلم والأمن أمر عادي جدا حيث يحقّ لأي دولة أن تترشّح للانضمام إلى هذا المجلس لفترة سنتين أو ثلاث سنوات، وعادة ما تترشّح الدول في أقاليمها الجغرافية، وهنا كما نعرف جيدا المغرب ترشّح في قائمة شمال أفريقيا، ولم تنافسه في ترشحه أي دولة على الإطلاق بل أكثر من ذلك تحصل على أقل عدد من الأصوات مقارنة مع باقي الدول التي ترشّحت للمجلس في بقية الأقاليم. أما بخصوص قوله بأن المهمة اكتملت، فهذا تصريح مبكر جدا ودليل على عدم النضج السياسي لصاحبه، وأعتقد أن الأيام كفيلة بتلقين المغرب درسا جديدا، لأنه ربما يتناسى أنه اضطر صاغرا تقديم طلب الإنضمام للاتحاد الأفريقي الذي كان الحسن الثاني يطلق عليه اسم «منظمة الطبول» بعد 24 سنة من الهروب للأمام، وتناسى أيضا أن حكومته كانت ترفض مجرد مناقشة مجلس السلم والأمن قضية الصحراء الغربية، والجميع يتذكر تغيب المغرب عن الاجتماع الذي خصّص لمناقشة هذه القضية في مارس 2016. إذا الآن، ماذا سيفعل المغرب وهو عضو لسنتين في المجلس؟ هل سيواصل اتباع سياسة الكرسي الشاغر؟ أم أنه سيتحمّل مسؤولياته بشجاعة مستقبلا ويتوقف عن صبيانياته الدبلوماسية التي عودنا عليها في كل مناسبة؟ الأيام وحدها كفيلة بكشف ذلك.
الاتحاد الافريقي في قمته الأخيرة بدا ثابتا أيضا على مبادئه وطلب عودة طرفي النزاع إلى طاولة المفاوضات دون شروط مسبقة، هل يمكن القول إن الهيئة القارية ستظل على نهجها الأول وغير قابلة للاختراق من قبل المغرب واللوبيات الداعمة له؟
 بالفعل ما قلته صحيح تماما. يجب أن نذكر الجميع أن الاتحاد الأفريقي، وقبله منظمة الوحدة الأفريقية من أكثر المنظمات القارية والعالمية استقرارا وثباتا في مواقفها على الإطلاق. ربما هذه المعلومة مجهولة للعديدين الذين ما يزالون ينظرون للأفارقة بعين الاستصغار. صحيح أن هناك محاولات يائسة، وبائسة، من بعض الدول المعروفة بولائها لفرنسا لشلّ التقدم المضطرد الذي يحقّقه الاتحاد الأفريقي في كل المجالات ببطئ ولكن بثبات. ولننتبه أن المبادئ الأساسية التي يبني عليها الاتحاد الأفريقي وكل الدول الأفريقية التي تحترم نفسها هي مبادئ مشتركة وغاية في المسؤولية، وهي التي يريد الأفارقة تأسيس اتحادهم عليها، فهم يريدون اتحاد أنداد، اتحاد يحترم فيه الصغير الكبير، ويتشارك فيه الأفارقة أجمعين مسؤولية بناء التكامل الاقتصادي والثقافي والاجتماعي وصولا إلى التكامل السياسي الذي سيمكّن القارة في النهاية من الحديث بصوت واحد للدفاع عن مصالح القارة ككل. وبطبيعة الحال، فإن تواجد المملكة المغربية، بنظامها الحالي في هذا الاتحاد هو نشاز حقيقي، حذر الصحراويون منه الجميع في البداية، أما الآن فلم نعد بحاجة لإقناع أحد بذلك، حتى بعض أصدقاء المغرب، أصبحوا مقتنعين أن تواجد النظام الإستعماري التوسعي المغربي في نفس القاعة مع دول أفريقية ترفع شعار مناهضة الإستعمار والتوسع، هو أمر غريب ولا يستقيم أبدا.
 ونتوقع أن يقع المغرب إن عاجلا أو آجلا في شرّ أعماله وتناقضاته، ونتوقع أن تتعب تصرفاته الصبيانية المتكرّرة حتى أصدقاءه المقربين.
 بالنسبة لمحاولات التأثير على موقف الاتحاد الأفريقي، بطبيعة الحال لن تتوقف، ولكنها في النهاية ستصطدم بمبادئ وقوانين ومواقف الاتحاد القائمة فعلا، ولن يكون من السهل على أي كان تغيير هذه المبادئ ما لم يقنع الأفارقة بحل الاتحاد لإنشاء منظمة جديدة تتبنى مواقف استعمارية بآلية هذا هو ثمن أي تغيير محتمل لموقف الاتحاد من القضية الصحراوية، التدمير النهائي للمنظمة، وهو ما يسعى إليه المغرب، وهو ما بدأ الأفارقة ينتبهون له ويلمسونه، وسيضطرون قريبا لتبني مواقف صارمة لمواجهة هذه المحاولات المغربية.
وعودة لموقف الاتحاد في قمته الأخيرة، أود التنبيه إلى أن القرار الأخير ذهب إلى أبعد الحدود بتبني موقف جديد لم يسبق له تبنيه حين طلب من المغرب التفاوض ليس مع جبهة البوليساريو، بل مع الجمهورية الصحراوية، على اعتبار أن المغرب والجمهورية الصحراوية دولتان قائمتان عضوتان في الاتحاد، وهذا الموقف القوي وضع النظام المغربي في حجمه الطبيعي وأثبت له أن دخوله في الاتحاد الأفريقي قد لا يكون انتصارا كما كان يتوقّع بل ربما هو ورطة جديدة وفعلية.
هناك قراءات ربطت بين التغيرات الحاصلة مؤخرا على صعيد قيادة الاتحاد الافريقي وكذا جنوب افريقيا وبين تحركات سابقة لدبلوماسية المغرب التي تريد الاستثمار في كل شيء داخل القارة لخدمة أهدافها ..كيف تعلّقون على ذلك؟
أعتقد أن جميع القراءات ممكنة، ويتوقف مدى صوابها على الفاعلين المتصارعين على الساحة السياسية والقارية. فبالفعل هناك لوبيات اقتصادية وسياسية ولها امتدادات دولية تعود خيوطها للحلم الإمبريالي الفرنسي، أو الأمريكي أو الإسرائيلي أو الصيني، أو الأوروبي الخ، وجميع هذه اللوبيات تعمل بجد من أجل شلّ تقدم الأفارقة.
كلهم، بدون استثناء يريدون الإبقاء على الدول الأفريقية «تحت الحذاء» كما يقال، لاستغلال ونهب ثرواتنا. فقارتنا كما هو معلوم للجميع هي أغنى قارة في العالم، ليس فقط بالثروات الطبيعية، بل وبالطاقات الشابة. بمعنى أنها قارة المستقبل، ومن يسيطر عليها سيصبح القوة العظمى القادمة. هذا هو لب التكالب العالمي الذي نشاهده على أفريقيا، وهذا هو سرّ المساعي العلنية والسرية لتدمير أي نظام أفريقي يحاول النهوض ببلاده.
والأفارقة واعون بهذا التكالب، ويحاولون العمل بجد على مواجهته عبر بناء أسس قوية ومتينة لتحقيق التكامل الاقتصادي والسياسي للنهوض بأفريقيا كقوة قائمة الذات، مستقلة في قرارها السياسي، وقادرة على المنافسة، وعلى تقديم القيمة المضافة للعالم. والنظام المغربي، كما نعلم جميعا يدخل في إطار هذا اللوبي الفرنسي التقليدي الذي ما يزال يعمل بكل الوسائل القذرة للسيطرة على مقدرات بعض الدول الأفريقية الفرنكوفونية.
وفي اعتقادي أن من بين الأسباب التي أرغمت المغرب على طلب العضوية في الاتحاد الأفريقي هو رغبة الإليزيه في استغلال تغلغل النظام المغربي في أفريقيا عن طريق شبكات  المخدرات والبنوك المشبوهة المعروفة بغسيل الأموال، من أجل شراء ذمم المتساقطين من قيادات الشعوب الأفريقية خاصة في الدول التابعة لفرنسا، ولكن أيضا في أي دولة تفتح المجال للمغرب. ومن هذا المنطلق تابعنا جميعا محاولات المغرب الانضمام للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (الإيكواس)، ومحاولاته إغراء نيجيريا قبل ذلك بخط الأنابيب الناقلة للبترول، وإغراء أثيوبيا بمصنع الأسمدة، ومثلها رواندا، وزامبيا، وغيرها. إذن المغرب يتحرّك بالفعل في كل العالم، ليس فقط في أفريقيا، وليس في جعبته سوى محاولة شراء ذمم من يستطيع لدعمه في احتلال الصحراء الغربية، لكنه أيضا يبيع لهم الوهم، وفي نفس الوقت يبحث عن أي فرصة متاحة لتهريب الأموال إلى الخارج لاستثمارها في أية مشاريع قد تعود عليه بالنفع، وتحميه من غوائل الزمن.
فمن المضحك أيضا أن الكثيرين لا ينتبهون إلى أن كل الأموال التي يعلن المغرب عن رغبته في استثمارها في الخارج هي أموال مهربة في الوقت الذي تعاني منه جهات كاملة في المغرب من الفقر، والجوع والعطش والإهانة.
 المبعوث الاممي إلى الصحراء الغربية، شرع في طريقة عمل على الملف، تقضي باستدعاء طرفي النزاع ودول الجوار إلى برلين للتشاور، ما رأيكم في هذه المنهجية وماهي فرص نجاحها؟
 أعتقد أن الأسلوب المعتمد من قبل المبعوث الجديد هو أسلوب تقليدي ومحترف لأي وسيط دولي يرغب أولا في فهم القضية، ثم فهم مواقف الطرفين، ومواقف جميع الأطراف المعنية بشكل أو بآخر مثل الجزائر وموريتانيا واسبانيا وفرنسا.
وفي نظري أهم ما استجد في تعاطي المبعوث الجديد مع الملف هو حرصه على التشاور مع مفوضية الاتحاد الأفريقي ومع رئيس الاتحاد الجديد وهو ما لم يرق ولن يروق للمغرب بالتأكيد. وننتظر ما ستكشف عنه الأيام من موقف المغرب الذي يبدو متردّدا في التعاطي مع المبعوث الجديد، وربما أن نقل هذا الوسيط لإدارته إلى برلين بدلا من نيويورك قد نزع من المغرب الميزة التي كانت لديه في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، حيث كان غالبية المبعوثين السابقين يشتغلون.
فالجميع يعلم الآن عن طريق وثائق «مروكو- ليكس» وغيرها أن المغرب كان يتجسّس على جميع هيئات الأمم المتحدة عبر شراء ذمم موظفين كبار فيها للحصول على أدق التفاصيل ويسعى لعرقلة مساعي المبعوثين وإفشال محاولات وساطتهم قبل نجاحهم فيها. الآن، سيصعب هذا الأمر على المغرب، وسيضطر للتعاطي مع الوسيط مثله مثل جميع الأطراف.
بالنسبة لنجاح الوسيط الأممي، فهذا يتوقف على مجموعة من العوامل أولها بالتأكيد هو نجاحه في حشد سند دولي لجهوده يمكنه من إضعاف أو إخضاع الموقف الفرنسي المتصلّب من قضية الصحراء الغربية. ففي النهاية ينبغي للجميع أن يعلم أن نظام الاحتلال المغربي لا يملك قراره السياسي حتى يقرّر أي شيء في الموضوع، بل هو نظام تابع وعميل لفرنسا، وهذه الأخيرة هي المستعمر الحقيقي لوطننا، والمتسبب الأول والأخير في إطالة أمد النزاع. لكننا متفائلون خصوصا من عودة الاتحاد الأفريقي القوية للملف، ونتمنى من جميع أصدقائنا دعم جهود المبعوث الجديد وتوجيهه الوجهة الصحيحة لفرض حل لا بد أن يمرّ عبر تمكين الشعب الصحراوي من حقّه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال والسيطرة على ثرواته الطبيعية.
 المغرب جدّد رفضه العودة للمفاوضات رغم دعوات الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي لاستئنافها، كيف يمكن إجبار المحتل على التفاوض في ظلّ إصراره على التعنت؟
 لا أستطيع الجزم بذلك، فالمغرب لم يعلن رسميا بعد هذا الموقف، وأعتقد أن إعلانه لمثل هذا سيضعه في موضع حرج في هذه الظروف، فنحن نعلم جميعا أنه خرج للتوّ من معارك شديدة مع بان كيمون، ثم مع روس، ثم مع المينورسو، ثم مع ملف حقوق الإنسان، إضافة إلى مواجهاته مع الاتحاد الأفريقي، والضربات التي تلقاها في ملف الثروات بعد إقرار محكمة العدل الأوروبية بعدم صلاحية اتفاقياته مع الاتحاد الأوروبي. إذا دعنا ننتظر إعلان المغرب رسميا رفضه التعاطي مع المبعوث الجديد بعدها أتوقّع وقوع فرنسا في الحرج من جديد لتجد نفسها مرة ثانية وحيدة في الدفاع عن محميتها الأفريقية. أما عن كيفية إرغام المغرب على الخضوع لإرادة الشعب الصحراوي والمنتظم الدولي فوحده الضغط المتواصل وبكل الوسائل المتاحة، بما فيها احتمال العودة للكفاح المسلح، هو ما سيرغم هذا النظام التوسعي على الوقوف عند حده وفي حجمه الحقيقي.
اسبانيا هي الخاسر الأكبر من إلغاء اتفاق التجارة والصيد بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، هل يفسر ذلك مساعيها رفقة فرنسا للاحتيال على قرار المحكمة الأوروبية؟
 اسبانيا مثلها مثل فرنسا دولتان تدافعان عن مصالحهما الاقتصادية والأمنية بدفاعهما عن المغرب، ومصيرهما مرتبط بمصير الاحتلال المغربي في الصحراء الغربية، وفيما يخصّ الصيد البحري فإن إسبانيا ستكون بالتأكيد أكبر المتضررين من توقيف النهب الدولي لثرواتنا، وعلينا جميعا، كما يتعين على كل المتضامنين معنا فضح هذا التورّط الإسباني في احتلال الصحراء الغربية.