تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

النص الكامل لكلمة رئيس الجمهورية ، الأمين العام لجبهة البوليساريو بمناسبة اليوم الوطني للشهداء

نشر في

ولاية السمارة 08 يونيو 2017 (واص) – ألقى اليوم الخميس بولاية السمارة رئيس الجمهورية ، الأمين العام لجبهة البوليساريو السيد إبراهيم غالي الكلمة الختامية لأشغال الملتقى العاشر للشهيد الولي .
وفيما يلي النص الكامل للكلمة :
 
كلمة الأخ إبراهيم غالي، رئيس الجمهورية، الأمين العام للجبهة في ذكرى يوم الشهداء،
ولاية السمارة، 08 يونيو 2017
---------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة والأخوات،
في 9 يونيو، منذ واحد وأربعين عاماً، فقد شعبنا مفجر الثورة الصحراوية وقائدها البطل، شهيد الحرية والكرامة، الولي مصطفى السيد. ذلكم الشاب المفعم بالحماسة والنضال، المتقد حباً للوطن وإيماناً بالقضية، الذي قدم لشعبه أروع مثال في التضحية واسترخاص أغلى ما يملك في سبيل الوطن.
الشهيد الولي مصطفى السيد، الرمز الوطني الصحراوي الخالد، القائد والمؤسس، الذي استطاع خلال فترة وجيزة، في عمر لم يصل الثلاثين، أن يقود باقتدار، بحكمة وشجاعة، ثورة وطنية شعبية انتشلت شعباً كاملاً من براثن الاستعمار والجهل والتخلف والتبعية، وانطلقت به في رحاب التحرر والانعتاق وبناء دولته المستقلة.
كان ذلك الظرف الزمني الوجيزكافياًلكي يشرف الشهيد الولي، مع رفاقه من المناضلين والمناضلات الذين لم يبدلوا تبديلاً، على محطات رئيسية وحاسمة في تاريخ الشعب الصحراوي. كيف لا ونحن نتحدث عن وقائع ملموسة، غيرت مجرى التاريخ وأدت إلى تسارع وتيرة الأحداث والتطورات، واجتازت في سنوات معدودة ما يتطلب عقوداً من الزمن، على غرار تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، واندلاع الكفاح المسلح، وتأسيس جيش التحرير الشعبي الصحراوي، وقيام الوحدة الوطنية، وإعلان الدولة الصحراوية، والتأسيس للإدارة والمؤسسات الوطنية وفتح قنوات الاتصال مع العالم الخارجي وغيرها. كل ذلك انطلاقاً من واقع سياسي واجتماعي واقتصادي يلامس العدمية، وفي ظل أجواء الاجتياح والغزو والقنبلة والتقتيل والتشريد والحرب المسلحة الشرسة والحصار الإعلامي، في سياق مؤامرة دولية تكالبت فيها قوى الاستعمار والطغيان مع دولة الاحتلال المغربي لمصادرة حق شعب بأكمله في الحياة والوجود.
الإخوة والأخوات،
وفوق كل هذا وذاك، ظل الشهيد الولي حاضراً دائماً في مقدمة الفعل النضالي، في كل مجالاته، وعلى رأسها ساحات الوغى والشهادة من أجل الوطن.
لا يمكن للكلمات مهما طالت وفصلت أن تفي هذا الشهيد حقه. وإننا لنثمن المجهود الذي ما فتئت تقوم به أمانة التنظيم السياسي، عبر المنظمة الجماهيرية الشبانية، من أجل تنظيم هذا الملتقى السنوي، ببحوثه ومحطاته المتنوعة،والذي نأمل أن يسهم في التعمق في نظرته الثاقبة ودراسة فكره وفهمه والاستفادة منه إلى أقصى الحدود، في سياق قراءة عامة وشاملة لتاريخ الشعب الصحراوي. هذا الشعب الذي لم يتقاعس يوماً، وتجاوب بكل عزم وإصرار، بكل اندفاع وحماس، بكل إيمان وإخلاص، بكل استعداد للتضحية والعطاء والشهادة في سبيل الوطن.
لكل ذلك، نخلد في هذا التاريخ من كل عام اليوم الوطني للشهداء، لنقف وقفة ترحم وإجلال وتقدير أمام أولئك النساء والرجال العظماء الذين قدموا أغلى ما يملكون، أرواحهم الطاهرة، من أجل حرية وعزة وكرامة ورفعة الشعب والوطن. لم يخامرهم أدنى شك، ولم يترددوا لحظة في التسابق نحو ميادين الشرف، وكلهم إيمان وقناعة راسخة بقضيتهم العادلة،وثقة مطلقة في حتمية الانتصار.
لقد رحل عنا الشهداء بأجسادهم، بعد أن سقوا بدمائهم الزكية كل شبر من ربوع وطننا الحبيب، وقدموا لنا أصدق الدروس وأنبل القيم، فكانوا خير مثال وأروع نبراس لقدرة الإنسان على التسامي فوق كل الاعتبارات المادية والدنيوية العابرة، والانطلاق في رحاب المجد والإباء والخلود. إنهم شموع وضاءة قررت الاحتراق على الأرض لتغدو نجوماً متلألئة في السماء، تنير دربنا في معركتنا الوجودية من أجل الحرية والاستقلال.
فتخليد يوم الشهداء هو دعوة متجددة للوفاء للعهد الذي قطعه الشعب الصحراوي، بالمضي على نهجهم، نهج الوحدة الوطنية المقدسة والتضحية والعطاء، واسترخاص الغالي والنفيس في سبيل أهداف سامية نبيلة. إنه تخليد يحمل في طياته رسالة إلى الأجيال الصحراوية المتلاحقة للمضي على درب النضال والكفاح المستميت من أجل انتزاع حقوقنا المسلوبة، وإقامة دولتنا على كامل ربوع الوطن العزيز. فمن لا وطن له، لا كرامة له، ومن لا كرامة له  لا يستحق الوجود.
الإخوة والأخوات،
نسجل بفخر أن الأجيال الصحراوية كانت فعلاً في المستوى، وتلقفت بحماس باهر تلك الدعوة وتلك الرسالة. وإن صمود الشعب الصحراوي ومقاومته الباسلة وما حققه من مكاسب وإنجازات، على مختلف الصعد وفي شتى المجالات، إنما هو تأكيد على صوابية القرار وصحة الاختيار وحتمية الانتصار.
بهذا الوفاء لعهد الشهداء وبهذه الإرادة الصلبة التي لا تلين، استطاع شعبنا، رغم كل الظروف والصعوبات، أن يواجه بجيشه المغوار ومناضلاته ومناضليه الصناديد، قوة الاحتلال الغاشم، المدعومة من طرف قوى عظمى، وجيوشها الجرارة وسياساتها القائمة على التوسع والعدوان والنفي والإبادة.
وها هي انتفاضة الاستقلال المباركة تجسد ميدانياً قوة التحدي والرفض الأبدي للاحتلال المغربي، رغم كل أساليبه القمعية الوحشية والحصار والتضييق والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
ونحيي في هذا السياق الوقفة الشجاعة لمعتقلي اقديم إيزيك في مواجهة مؤامرات المحاكم الصورية المغربية، العسكرية والمدنية، ونشيد بالهبة التضامنية الجماهيرية، من كل مواقع تواجد الجسم الصحراوي، التي ترافقهم بشكل مستمر، وتنقل المعركة إلى عقر دار العدو، مثلما تنبأ بذلك الشهيد الولي مصطفى السيد.
ونحن ندين الممارسات المغربية التي تلجأ إلى فبركة التهم واختلاق الأدلة والشهادات والشهود والتمهيد بالتالي لإصدار الأحكام الجائرة بدون وجه حق، فإننا نطالب الأمم المتحدة بالتدخل لتمكين المعتقلين السياسيين الصحراويين من حقوقهم المشروعة، بما فيها إطلاق سراحهم غير المشروط، والتقاضي فوق وطنهم الصحراء الغربية، وبمقتضى القانون الدولي.
 
الإخوة والأخوات،
إن مقاومة الشعب الصحراوي البطولية قد جعلت دولة الاحتلال المغربي تتبنى سياسة الهروب إلى الأمام، بانتهاج التعنت والعرقلة والتصعيد والاستفزاز وتهديد السلم والاستقرار في كامل المنطقة.
إننا ندين بهذا الخصوص محاولاتها إغراق المنطقة بالمخدرات المغربية، وبالتالي دعم وتشجيع عصابات الجريمة المنظمة والجماعات الإرهابية وتهديد شعوبنا وبلداننا، أمنياً واقتصادياً واجتماعياً.
وفي وقت نرحب فيه بتعيين المبعوث الشخصي الأممي الجديد للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية، في شخص الرئيس الألماني السابق، السيد هورست كوهلر، ونوجه النداء إلى الأمين العام للأمم المتحدة للأسراع في استكمال تصفية الاستعمار من آخر مستعمرة في إفريقيا، فإننا نطالب بتمكين المينورسو من كل الآليات الضرورية لجعلها تمارس صلاحياتها بعيداً عن أية ضغوط، لتنفيذ مهمتها الرئيسية في تنظيم استفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي، وحماية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية ومراقبتها والتقرير عنها.
كما نؤكد على مسؤولية الأمم المتحدة لوقف نهب الثروات الطبيعية الصحراوية من طرف قوة الاحتلال العسكري المغربي اللاشرعي، ونطالب دول الاتحاد الأوروبي ودول العالم بالتقيد الصارم بمقتضى قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وقرارات الاتحاد الإفريقي وقرار محكمة العدل الأوروبية.
لإخوة والأخوات،
لا يمكن أن يمر يوم مثل هذا دون أن نقف وقفة تقدير وعرفان لكل الأشقاء والأصدقاء والحلفاء والمتضامنين مع قضية شعبنا العادلة في كل أنحاء العالم، وفي مقدمتهم الجزائر الشقيقة، بقيادة فخامة الرئيس المجاهد عبد العزيز بوتفليقة.
ونحيي موقف الاتحاد الإفريقي، المتشبث بمقتضيات الشرعية الدولية وميثاقه التأسيسي، ونحذر من مناورات دولة الاحتلال المغربي التي بدأت تتكشف بعد انضمامها إلى الاتحاد، وتعكس نية مبيتة لاستهداف وحدة المنظمة القارية وتماسكها ومكانتها الدولية، ونجدد المطالبة بالصرامة في التعاطي مع أي محاولة للتحايل على الميثاق الذي صادقت عليه المملكة بدون تحفظ ولا شروط.
ونتوجه إلى الشعب المغربي الشقيق لنؤكد له بأننا جميعاً ضحية لسياسات الدولة المغربية التي تحرم الشعب الصحراوي من ممارسة حقه في تقرير المصير والاستقلال، والعيش في دولته المستقلة، مثلما تحرم الشعب المغربي من حقه في العيش الحر الكريم. إن منح الاختيار الديمقراطي الحر للشعب الصحراوي، بمقتضى قرارات وميثاق الأمم المتحدة، وترسيخ الديمقراطية الحقة والعدالة الاجتماعية في المملكة المغربية طريق إجباري لضمان استتباب السلم والاستقرار في المنطقة، والانتقال إلى تجسيد طموحات شعوبنا في التعايش في كنف السلام وحسن الجوار والتعاون والرخاء.
رحِــــــــــــمَ اللهُ معشرَ الشهداءِ    وجازاهم عنا كريمَ الجـــــزاءِ
لم أجدْ في الرجالِ أعلَى وِساماً    من شــهيدٍ مُـخـَـضـَّـبٍ بالدماءِ
قوة، تصميم وإرادة، لفرض الاستقلال والسيادة، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته . (واص)
090/105.