تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

ماء العينين لكحل في حوار مع مؤسسة الديمقراطية الإفريقية (المغرب يسعى لتدمير الاتحاد الإفريقي من الداخل)

نشر في

جوهانسبورغ ( جنوب إفريقيا ) 02 أبريل 2017 (واص) - أجرت مؤسسة الديمقراطية الإفريقية ، حوارا مطولا مع الإعلامي الصحراوي ماء العينين لكحل ، نشرته يوم الاثنين 27 فبراير ، قدم فيه للقارئ الإفريقي والجنوب إفريقي خصوصا ، رأيا صحراويا حول انضمام المغرب للاتحاد الإفريقي ، وحول مشاعر الصحراويين بمناسبة تخليد الذكرى 41 لإعلان الجمهورية الصحراوية وعدة مواضيع أخرى.
وقد تم تأسيس هذه المؤسسة عام 2009، كمؤسسة غير ربحية وغير حكومية، مقرها في جوهانسبورغ بجنوب إفريقيا، حيث تهتم بتشجيع وتعزيز الديمقراطية والقيم الديمقراطية في القارة الإفريقية.
وفيما يلي ترجمة موقع الصحراوي للحوار:
الاسم: ماء العينين لكحل
المهنة: صحفي ومدافع عن حقوق الإنسان
السن: 45 سنة
مؤسسة الديمقراطية الإفريقية : أخبرنا عن كيف هي حياة من ترعرع ونشأ في الصحراء الغربية؟
ماء العينين: أن تولد وتترعرع في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية كأن تنشأ وتكبر في معسكر اعتقال هائل ومفتوح ، لقد ضرب الاحتلال العسكري المغربي حصارا عنيفا على مختلف المدن المحتلة في الإقليم منذ الأيام الأولى للغزو ، وفي الحقيقة ، بدأ الغزو يوم 31 أكتوبر 1975 بعمليات عسكرية كبيرة دمرت مئات المستوطنات البدوية للرحل الصحراويين، حيث أبادت هذه الحملة العسكرية آلاف الضحايا، واختفى نتيجتها الآلاف، ما يزال أكثر من 600 منهم في عداد المفقودين.
وبالطبع، كطفل صحراوي، كانت تجربة الدراسة في المدارس المغربية، وكون المشرفين علي معلمين مغاربة، تجربة صعبة لأننا كنا نعامل بشكل مختلف، نعامل كما يعامل أي شعب مستعمَر ؛ ففي القسم كما في الشارع أو في أماكن اللعب وغيرها، كنا نعامل من قبل البوليس المغربي كمتهمين دائما، حيث غالبا ما يتم اعتقالنا إذا ما حصل أي شيء. إذا جيلي والأجيال التي تلته ، اعتادوا على التعرض للاعتقال في الشارع، لسبب أو من دونه ، حيث ننقل لمخافر الشرطة، نتعرض للضرب المبرح والتعذيب من قبل عناصر الشرطة المغربية، فقط لأنهم يستمتعون باقتراف ذلك ، وقد نقضي في مخافرهم ليلة أو ليلتين قبل أن يطلق سراحنا.
وحتى في المدرسة كنا نتعرض للتمييز. فقد كان من الصعب في تلك الأيام أن ينهي أي صحراوي دراسته بسهولة. كانوا يعتمدون أساليب مختلفة لمنعنا من النجاح في مسارنا الدراسي. وكان الوصول إلى الجامعات معجزة للعديد منا. ولهذا، وجدنا أنفسنا ونحن أطفال واعون سياسيا رغما عنا بسبب هذه المعاملات السيئة، وبطبيعة الحال كنا أيضا ناشطين سياسيا، ومصرين على تعقيد يوميات السلطات الاستعمارية، خاصة في الليل. وبخلاصة، فإن الحياة في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية هي حياة شعب مستعمر يناضل من أجل حريته، ويتعرض للقمع من قبل المستعمِر بسبب هذا النضال بالذات.
مؤسسة الديمقراطية الإفريقية: ماذا يعني لك عيد استقلال بلدك (عيد إعلان الجمهورية)؟
ماء العينين: يعني لي الكثير من الأشياء المتعارضة في نفس الآن ؛ أولا أنا فخور بأن شعبي قد نجح في لحظة صعبة من تاريخنا في إعلان إرادته السياسية وتجسيدها عبر إنشاء وإعلان الجمهورية الصحراوية. ولكن، إلى هذا اليوم، لا تزال بلادي غير حرة أو مستقلة بالكامل. فلا يزال ثلثاها تحت السيطرة الاستعمارية المغربية. ولذلك، لا يمكننا الاحتفال باستقلالنا كما نود أن نفعل حقا.
ومن جهة أخرى، فإن عيد إعلان الجمهورية (عيد استقلالنا) هو أيضا تنبيه لنا جميعا، وللعالم، بأن هنالك شيء ما غير طبيعي في الصحراء الغربية. هذا العيد هو رسالة من شعبنا إلى ما يسمى المجتمع الدولي بأننا قد حددنا مسبقا المستقبل الذي نريد، وأننا مستعدون للتأكيد على ذلك مجددا في استفتاء لتقرير المصير إذا ما سمح لنا بذلك. وإلا، فإن خيارنا واضح. نحن نريد الحرية. نريد بناء دولتنا وأمتنا، ومستعدون لذلك، لأننا نمتلك بالفعل مؤسسات لها تجربتها، ولدينا حكومة نجحت طيلة 40 سنة في تسيير مخيمات اللاجئين الوحيدة في العالم التي يسيرها وينظمها ويديرها اللاجئون بأنفسهم. نحن نحتاج فقط لأن تتركنا فرنسا، ومحميتها، المغرب، وشأننا، وأن تتوقفا عن الإبقاء على الاستعمار الجديد في بلادنا.
مؤسسة الديمقراطية الإفريقية : يدور النزاع الإقليمي بين جبهة البوليساريو والمغرب منذ عام 1975، ويرفض المغرب الاعتراف باستقلال البلاد - كيف تنظرون إلى النزاع (ما هي طبيعة هذه القضية) وكيف أثر ذلك على بلدك؟
ماء العينين : النزاع في الصحراء الغربية هو قضية واضحة من قضايا تصفية الاستعمار. وهذا ليس مجرد رأي، هذه حقيقة ثابتة، يؤكدها أكثر من 110 قرار للأمم المتحدة، وقرارات أخرى كثيرة للاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي وهيئات دولية أخرى. كما أن محكمة العدل الدولية قد أصدرت رأيا استشاريا واضحا إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1975، أوضحت فيه بأن الصحراء الغربية إقليم غير متمتع بالحكم الذاتي، وأن المغرب ليس له السيادة عليه، وأن هذه الأرض بها شعب محدد جيدا اسمه الشعب الصحراوي، الذي له، وفقا لهذا الرأي الاستشاري دائما، حق غير قابل للتصرف في تقرير المصير ينبغي أن يمارس في إطار القرار التاريخي 1514 الذي حصلت بفضله العديد من الدول الإفريقية على استقلالها في الستينات. لذلك، من الناحية القانونية القضية واضحة تماما لدرجة أنه لا يوجد بلد واحد في العالم يعترف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية.
ولكن، بطبيعة الحال، الصحراء الغربية أرض غنية جدا بجميع أنواع الموارد الطبيعية، المتجددة وغير المتجددة. وهذا أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل المغرب، مدعوما بالطبع من قبل فرنسا، يرفض كما قلتم الاعتراف ليس فقط باستقلالنا بل وبحقنا في الوجود نفسه وفي الحرية وفي تقرير المصير.
ومثلما عانى شعب جنوب إفريقيا في الماضي تحت نير نظام الأبارتايد ، ما زلنا نحن نعاني في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية من الاعتقالات التعسفية، ومن منع المظاهرات السلمية التي تقمع بعنف شديد، ولدينا الآن حوالي 50 سجينا سياسيا في السجون المغربية، أغلبهم حوكموا من طرف المحاكم العسكرية المغربية على الرغم من أنهم مدنيون وطلبة. لقد ارتكب النظام المغربي جرائم فظيعة وموثقة جيدا ضد الإنسانية في السبعينات والثمانينات، ومازال يرتكب انتهاكات تعتبر جرائم ضد الإنسانية مثل الاختفاء القسري والتعذيب والإعدام خارج القانون، الخ.
إذا، وبخلاصة، فقضية الصحراء الغربية هي قضية تصفية استعمار، حيث يوجد شعب مستعمَر يكافح ضد نظام استعماري عسكري عنيف يرفض الاعتراف أو السماح لهذا الشعب بأن يقرر مستقبله ومصير وطنه.
مؤسسة الديمقراطية الإفريقية : هل مقاومة قوات جبهة البوليساريو للمغرب ذات طبيعة عسكرية، أم أن الجبهة تتبع أسلوب المقاومة السلبية، بمعنى هل هناك اشتباكات عنيفة؟
ماء العينين: حسنا، لا بد من التذكير هنا بأن جبهة البوليساريو قد أنشئت عام 1973 من قبل مجموعة من الشباب الصحراوي المقاتل من أجل الحرية لقيادة الكفاح المسلح ضد الاستعمار الاسباني في ذلك الوقت. وعندما تآمر المغرب مع إسبانيا ليحل محلها بصورة غير مشروعة، شنت جبهة البوليساريو حرب عصابات ضد القوة الاستعمارية الجديدة طيلة 16 سنة، وقد نجحت بالفعل في التسبب في أضرارا جسيمة للمملكة وجيشها. هذا النجاح الواضح لجبهة البوليساريو، أجبر الملك المغربي السابق، الحسن الثاني، على قبول خطة التسوية لمنظمة الوحدة الإفريقية/الأمم المتحدة لعام 1991، التي كان من المفترض أن تؤدي إلى تنظيم استفتاء لتقرير المصير بثلاث خيارات: الاستقلال، أو الاندماج مع المغرب، أو شكل آخر من أشكال الاندماج مع كيان آخر.
وخلال سنوات الحرب، كانت هناك أيضا مقاومة مدنية للصحراويين على الرغم من أنها كانت على شكل تنظيمات سرية تهدف إلى توعية أبناء الشعب الصحراوي بقضيتهم، وجمع الدعم لجبهة البوليساريو، وأحيانا تنفيذ بعض العمليات التخريبية ضد المؤسسات المغربية وقوات الجيش والشرطة.
وبعد إنشاء الأمم المتحدة لبعثتها، المينورسو، ونشرها في البلد، انتقلت المقاومة الصحراوية في المناطق المحتلة إلى اعتماد أسلوب المظاهرات السلمية، ووجهت نضالها إلى نشاط مدني يدافع عن حقوق الإنسان، والموارد الطبيعية، والمطالب الاجتماعية وغيرها. هذه المقاومة السلمية مستمرة حتى يومنا هذا، ويقودها مجتمع مدني صحراوي نشط بالتوازي مع النضالات الدبلوماسية والسياسية الرسمية التي تقودها الدولة الصحراوية.
مؤسسة الديمقراطية الإفريقية : أصبح المغرب مؤخرا الدولة العضو ال55 في الاتحاد الإفريقي ، كيف تشعر حيال هذا الأمر؟
ماء العينين: لقد كان ذلك يوما حزينا لإفريقيا ككل. لا شك أن المغرب بلد إفريقي، ولكن نظامه نظام استعماري عميل لفرنسا، ولا يستحق أن يجلس في نفس المنظمة التي قاتلت منذ نشأتها ضد القوى الاستعمارية. وبالنسبة لي فإن قبول طلب المغرب للانضمام إلى الاتحاد الإفريقي كان ليكون مماثلا تماما لقبول افتراضي لنظام الأبارتايد كعضو في منظمة الوحدة الإفريقية في الستينات والسبعينات. تصوروا معي كيف كان سيبدو ذلك لو كان قد حصل فعلا؟
الآن، هناك العديد من أصدقاء النضال الصحراوي في الاتحاد الإفريقي قبلوا الطلب المغربي، حسب قولهم، لأنهم يرغبون في التعامل مع هذه القضية داخل المنظمة، وبوجود المغرب معهم تحت سقف واحد، بدلا من إبقاء الرباط خارج المنظمة، كما كانت من قبل، ومواجهة رفضها المستمر السماح للاتحاد الإفريقي بالتدخل في النزاع. حسنا، هذا تبرير يحتاج للاختبار. وسوف نرى ما إذا كان سيفيد أم لا. ولكن بالنسبة لي شخصيا، فأنا واثق من أن المغرب انضم إلى الاتحاد الإفريقي لسببين اثنين لا ثالث لهما: أولهما، محاولة تلطيف مواقف الاتحاد الإفريقي حول النزاع أو حتى منع أجهزة صنع القرار الإفريقية من تبني مواقف قوية مستقبلا. وثانيهما، إذا فشلت الرباط في تحقيق الهدف الأول، فإنها ستعمل على إحداث الانقسام وربما حتى تدمير المنظمة من الداخل ؛ فالمغرب دولة خارجة عن القانون وتستخدم جميع أشكال ووسائل الرشوة والفساد والمخابرات لتحقيق أهدافها في المنظمات الدولية. وعلى سبيل المثال يكفي التذكير بالتسريبات التي كشفت منذ سنوات قليلة كيف أن السفير المغربي في جنيف كان يشتري دبلوماسيين ويتجسس على كبار المسؤولين في الأمم المتحدة ، بمن فيهم بان كي مون وكريستوفر روس. ولا يزال المغرب يعتمد هذه الأساليب مع العديد من البلدان الإفريقية.
لهذا، أتوقع أن تشرع السلطات المغربية، إن لم تكن قد فعلت ذلك، في البحث عن دبلوماسيين ومسؤولين أفارقة فاسدين لشراء خدماتهم من أجل السيطرة على الاتحاد الإفريقي أو تدميره إن تطلب الأمر ذلك. وسوف نرى بالتأكيد هذا يحدث في المستقبل، وبالمناسبة هناك بالفعل شائعات ومؤشرات فساد تحوم حول العديد من السياسيين الأفارقة، لاسيما في بعض الدول التي تقع تاريخيا تحت النفوذ الفرنسي.
مؤسسة الديمقراطية الإفريقية : هل تعلم بأن رئيسة الاتحاد المنتهية ولايتها، سعادة الدكتورة نكوسازانا دلاميني-زوما قد عينت أول مبعوث خاص إلى الصحراء الغربية (2014) في محاولة لحل النزاع ، ما هو رأيك في دور/نفوذ الاتحاد الإفريقي في إيجاد حل سلمي للتحدي الذي يواجه بلدك؟
ماء العينين: لا بد لي أن أنوه هنا بأن الدكتورة دلاميني زوما قد أنجزت الكثير خلال ولايتها لصالح القارة الإفريقية وليس فقط للصحراء الغربية. وفي نظري فإن الإنجاز الرئيسي والتاريخي لهذه المناضلة العظيمة المؤمنة بالوحدة الإفريقية هو البلورة الواضحة والعبقرية لأجندة الاتحاد الإفريقي 2063 التي تم اعتمادها لاحقا، إضافة إلى العديد من وثائق السياسات والاستراتيجيات الهامة الأخرى التي تحدد وجهة إفريقيا وكيفية تحقيق أهدافها وتطلعاتها.
وفيما يتعلق بقضية الصحراء الغربية، حققت الدكتورة زوما الكثير كذلك. فكما تفضلتم وقلتم، عينت السيدة زوما أول مبعوث خاص على الإطلاق إلى الصحراء الغربية، لكن أكثر من ذلك، أعطت صوتا للاتحاد الإفريقي داخل أروقة الأمم المتحدة، بما في ذلك داخل مجلس الأمن الدولي. وربما هي أول رئيس للاتحاد الإفريقي يفرض وجود الأفارقة ويفرض صوت إفريقيا على الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن، بما في ذلك حول قضية الصحراء الغربية. وخلال السنوات الأربع الماضية، كانت القضية الصحراوية قضية ساخنة على مختلف مستويات صنع القرار في أجهزة الاتحاد الإفريقي. لذلك اعتمد الاتحاد الإفريقي بمختلف أجهزته العديد من القرارات والمقررات والإعلانات، ونوقشت القضية الصحراوية بشكل غير مسبوق منذ الثمانينات.
علينا أيضا أن ندرك أن منظمة الوحدة الإفريقية/الاتحاد الإفريقي قد قدمتا الكثير للشعب الصحراوي. وأهم شيء قامتا به هو الاعتراف ببساطة وبوضوح بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية كعضو كامل الحقوق فيهما. وهذا كان في حد ذاته قرارا تاريخيا وموقفا واضحا من الاتحاد الإفريقي ورفضا أوضح للمطالبات الاستعمارية المغربية.
لكن الصحراويين يؤمنون بأنه من حق الاتحاد الإفريقي تماما أخذ زمام المبادرة في البحث عن حل للنزاع في الصحراء الغربية، لأنها قضية إفريقية. فقد فشلت الأمم المتحدة في التقدم خطوة واحدة إلى الأمام في جهودها بسبب تآمر فرنسا الدائم مع حلفائها ومع الدول العميلة لها لعرقلة جهود الأمم المتحدة لحل قضية تصفية الاستعمار الأخيرة في إفريقيا. لذلك، نحن نعتقد أنه على الاتحاد الإفريقي تحمل المسؤولية في هذا الشأن، لا سيما أن المغرب قد بات عضوا في المنظمة الآن. ولم يعد بإمكان الرباط رفض السماح للاتحاد الإفريقي بمعالجة القضية بدعوى أنها لا تعترف بالمنظمة كما كانت تقول سابقا. لذلك سنرى قريبا ما سيحدث.
مؤسسة الديمقراطية الإفريقية : هل تعتقد بأن وطنك سيحصل على الاستقلال الكامل من المغرب؟ يرجى التوضيح
ماء العينين: بالطبع أومن بذلك تماما، لأنني تعلمت من التاريخ، أن القوى الاستعمارية لم تنجح قط في البقاء مسيطرة إلى الأبد على الأراضي المستعمرة. كانت إرادة الشعوب تسود دائما في النهاية.
الآن، في حالتنا أنا واثق من أننا سننتزع استقلالنا لأن شعبي لم يستسلم ولم يتوقف يوما عن النضال. لقد قرر الشعب انتزاع مستقبله من مغتصبي أرضنا. والأجيال الجديدة، التي لم تعش الأيام الأولى من الغزو والقمع، هي القيادة الميدانية للمقاومة الآن. لذلك وحسب قناعتي، فإن نضالنا كفاح أجيال، ولا يهم أي جيل سيشهد يوم الحرية العظيم، ما يهم فعلا هو أن يواصل كل واحد منا النضال ويبقي جذوة المقاومة مشتعلة، وما يهم هو أن نضع أهدافا واضحة لهذا النضال، حتى يتسنى للجيل الموالي أخذ زمام المبادرة في وقت لاحق وإنهاء المهمة.
ومن الجهة الأخرى، لا بد من التذكير بأن المغرب لم يكن يوما مستقرا أو ثابتا في مواقفه بشأن هذه القضية، مما يعكس أنه مجرد قوة استعمارية تستهدف ثرواتنا فقط ككل القوى الاستعمارية. فعلى سبيل المثال: في الستينات دعم الملك المغربي آنذاك كفاح الشعب الصحراوي من أجل الاستقلال وكان يطالب بتمتيعنا كشعب بحقنا في تقرير المصير والاستقلال. ثم، في السبعينات، انتقل إلى التآمر مع إسبانيا وشرع في المطالبة بالسيادة على الأرض، وفي النهاية غزا أرضنا عسكريا واعتبر القضية "ملفا مغلقا" قائلا أن المغرب قد استرجع أرضه وحررها. ثم، بعد 16 سنة من الحرب مع الجيش الشعبي الصحراوي (البوليساريو)، وبعد أن أدرك الملك أنه لم يتمكن من كسب قلوب الصحراويين ولا الانتصار عليهم عسكريا، رفع صوته مطالبا بالتحكيم الدولي مرة أخرى وقبل مبدأ تقرير المصير، وهو ما يعني أنه اعترف علنا ​​بأن بلاده لا تمتلك السيادة على الأرض. وفي حكم الملك الجديد محمد السادس، رفض المغرب الاستفتاء، وقال إنه يعرض فقط حكما ذاتيا على الصحراويين، وهو أيضا اعتراف صريح بأن الصحراء الغربية ليست له. الآن، ها هو المغرب يجلس أخيرا جنبا إلى جنب مع الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية تحت مظلة واحدة هي الاتحاد الإفريقي ، وهذا بالنسبة لي أيضا اعتراف مباشر وقانوني بالجمهورية الصحراوية مهما حاول السياسيون المغاربة قول أو فعل عكس ذلك. لهذا، نرى أن الموقف المغربي لم يكن يوما موقفا ثابتا بشأن هذه القضية وهو ما يعتبر مؤشرا قويا على أن الرباط قد تعترف في نهاية المطاف بأخطائها وتسمح للشعب الصحراوي ببناء دولته بكل الحرية. ففي النهاية سيضطر المستعمر الأجنبي إلى مغادرة البلاد.
مؤسسة الديمقراطية الإفريقية : ما الذي تعتبره ضمن تحديات التنمية الرئيسية لبلادك مستقبلا؟
ماء العينين: أشرت سابقا إلى أجندة الاتحاد الإفريقي لعام 2063، وأعتقد أن بلادي مثلها في ذلك مثل  معظم البلدان الإفريقية ستواجه الكثير من التحديات وسيكون لها العديد من الأهداف والتطلعات. ولكن، للصحراويين أولوية أكبر الآن وهي تحرير البلاد أولا، وبعد ذلك سيتعين عليهم إعادة بناء كل شيء لأن الاستعمار المغربي لم يبن أي شيء في المدن المحتلة من الصحراء الغربية. فالبنية التحتية في الإقليم هي شبه منعدمة، وليس هناك جامعة واحدة في كل أراضي الصحراء الغربية التي يوازي حجمها انجلترا. لا توجد مستشفيات، ولا مسارح ولا دور للسينما، ولا مراكز ثقافية، ولا مصانع حقيقية، لا شيء. الأشياء الوحيدة التي بنتها القوة الاستعمارية هي بعض الموانئ وبعض الطرق التي تسمح لها بنهب مواردنا الطبيعية، خاصة الفوسفاط والثروة السمكية، وبالطبع بنى المغرب السجون ومراكز الشرطة، والإدارات الاستعمارية.
مؤسسة الديمقراطية الإفريقية : ما هي أيضا الفرص المتاحة في البلد في نظرك؟ (أي الموارد)
ماء العينين: مرة أخرى مثل معظم البلدان الإفريقية ، يجب إدراك أن الصحراء الغربية غنية بالموارد المتجددة وغير المتجددة وبشكل مفرط مثل : الغاز ، النفط ، الفوسفات ، مصايد الأسماك ، الذهب ، الماس ، الحديد والرمال، والشمس القوية والرياح والكثير من المعادن الأخرى. لهذا السبب يصر المغرب على إبقاء قبضته الاستعمارية عليها. وبطبيعة الحال، فرنسا تستهدفنا أيضا لأنها تريد أن تبقي المغرب قويا للحفاظ على توازن معين، وعدم السماح للجزائر خصوصا بأن تصبح القوة الرئيسية في شمال إفريقيا.
من جهة أخرى، شعبنا، وإن كان صغير العدد، إلا أنه مستعد ولدينا مستوى تعليمي جيد. وسوف يشكل قيمة مضافة وقوة دافعة لنهضة وتقدم إفريقيا. كما أن حكومتنا، على الرغم من أنها محرومة من الاستفادة من مواردنا الطبيعية، لديها خبرة مثيرة جدا للاهتمام في إدارة قضايا أمتنا، عبر مؤسسات ديمقراطية راسخة. ويمكننا القول أننا نمتلك واحدة من أكثر الحكومات استقرارا في إفريقيا لأكثر من 40 عاما حتى الآن دون أن نواجه أي مشكلة سياسية كبيرة. وبطبيعة الحال فإن النظام المغربي القروسطي يخاف من وجود جمهورية ديمقراطية وناجحة على حدوده من شأنها أن تسلط الضوء على دكتاتورية النظام الملكي وتفضح حرمان هذا النظام المغاربة ما يستحقون (الديمقراطية والكرامة والحرية).
مؤسسة الديمقراطية الإفريقية : إذا كان هناك شيء واحد يمكن أن تقوله للناس حول الصحراء الغربية ، أمر قد لا يعرفوه ، ماذا ستقول؟
ماء العينين: أعتقد أن معظم الشعوب الإفريقية لا تعرف أن هناك مستعمرة إفريقية وشعبا إفريقيا لا يزال يناضل من أجل حريته في إفريقيا. وهناك الكثير من الأفارقة، بما في ذلك في بلادكم جنوب إفريقيا، يظنون ربما أن نضالهم العظيم ضد الأبارتايد كان آخر معركة وقفت فيها إفريقيا ضد الظلم والاستعمار والفصل العنصري. في حين أن الأمر ليس كذلك بتاتا، فالشعب الصحراوي يخوض الآن معركة مماثلة ضد نظام استعماري لدولة إفريقية تستخدم نفس استراتيجيات العنف التي كان يستخدمها نظام الأبارتايد سابقا ضد شعب جنوب إفريقيا.
الآن، أريد جميع الأفارقة أن يفهموا جيدا أننا نحارب الظلم نيابة عنهم، لأن الكفاح من أجل الحرية وتقرير المصير في الصحراء الغربية ليس واجبا حصريا على الصحراويين وحدهم. كلا، بل هو، واجب نضالي على كل محبي الحرية في القارة وخارجها. فنحن لا نحارب فقط النظام الاستعماري المغربي، نحن نحارب فرنسا القوة الاستعمارية الحقيقية وراء هذا النظام العميل. فرنسا تقوم بكل ما في وسعها لمنع بلادنا ومنطقتنا والقارة من الازدهار والوحدة والحرية. والنظام المغربي يلعب لعبتها للإبقاء على إفريقيا، أو على الأقل شمال إفريقيا، مقسمة وغير قادرة على الاندماج والوحدة.
لذلك ، أريد أن أحث جميع الأفارقة للانتباه إلى هذا الجزء من قارتنا الحبيبة، لأن المغرب وفرنسا يريدان دفعها مرة أخرى إلى الحروب والفوضى والمعاناة. ولكن أيضا أريد أن أطمئنهم إلى أن إخوتهم وأخواتهم في الصحراء الغربية سيظلون واقفين صامدين ضد هذه المؤامرة، وسيقاتلون حتى آخر قطرة من دمائهم. لأننا أحرار وأفارقة، ومعتزون دائما بحريتنا واستقلالنا، وسنموت إذا كان هذا هو الثمن الواجب دفعه مقابل الحرية والكرامة لجميع الأفارقة.
( واص ) 090/100