تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

النص الكامل لكلمة رئيس الجمهورية ، الأمين العام لجبهة البوليساريو خلال إشرافه على تنصيب أعضاء اللجنة الوطنية الصحراوية لحقوق الإنسان

نشر في

الشهيد الحافظ 15جانفي 2019  (واص)- ألقى اليوم الثلاثاء، رئيس الجمهورية ، الأمين العام لجبهة البوليساريو السيد إبراهيم غالي كلمة خلال إشرافه على تنصيب اعضاء اللجنة الوطنية الصحراوية لحقوق الإنسان .
وفيما يلي النص الكامل للكلمة :
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوات والأخوة،
يلتئم جمعنا هذا لتنصيب أعضاء اللجنة الوطنية الصحراوية لحقوق الإنسان، التي ستشرع في مرحلة جديدة من مهمتها النبيلة والمتواصلة، في سياق معركة الشعب الصحراوي من أجل الحرية والعيش الكريم على كامل تراب دولته المستقلة.
إن إنشاء اللجنة الوطنية الصحراوية لحقوق الإنسان هو تكريس لتوجه مبدئي راسخ لدى الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، باعتبارها حركة تحرير وطني، يكمن سر قيامها واستمرارها في الدفاع عن حقوق الإنسان الصحراوي، وفي مقدمتها الحق الإنساني الأساسي الأول، ألا وهو الحق في تقرير المصير والاستقلال.
وفي خضم الحرب التحريرية الضروس، ورغم الظروف الصعبة القاسية، التي ميزها اللجوء والشتات والحصار والتضييق، جراء الاجتياح العسكري المغربي للصحراء الغربية في 31 أكتوبر 1975، فقد عكفت الدولة الصحراوية على انتهاج سياسة شاملة ترمي إلى حماية الحقوق الأساسية للمواطن الصحراوي، بما في ذلك العمل على ضمان الخدمات في قطاعات حيوية، مثل الصحة والتعليم والعناية بالمرأة والطفل وذوي الاحتياجات الخاصة وغيرها.
وقد عكس دستور الجمهورية الصحراوية هذا التوجه وهذه القناعة من خلال العديد من المواد التي تؤطر الضمانة القانونية لحماية الحقوق والحريات الأساسية، متماشياً مع المضامين العالمية في هذا المجال، وبشكل خاص مع الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب. ولم تكتفِ الحكومة الصحراوية بذلك، بل عمدت إلى اقتراح قوانين وتعديلات على قوانين متعلقة بحقوق الإنسان وتقديمها للمجلس الوطني الصحراوي الذي ناقشها وصادق على العديد منها.
لقد اختارت الجمهورية الصحراوية، بمحض إرادتها، الانضمام إلى العديد من الآليات على المستويات القارية والدولية، مثل الاتحاد الإفريقي وهيئاته واتفاقيات جنيف ونداء جنيف وغيرها، انطلاقاً من عزم أكيد على تكريس مكانة الدولة الصحراوية كطرف فاعل في المحافل الدولية في مجال حقوق الإنسان.
ولكنه، من جهة أخرى، انعكاس لرؤية مستقبلية تروم بناء مؤسسات الدولة الصحراوية على أسس العدل والإنصاف واحترام حقوق الإنسان وتعزيز ثقة المواطنين الصحراويين في مؤسساتهم الدستورية، بالانخراط الواعي والمسؤول، الذي يستحضر الواجبات ولا يغفل الحقوق، في معترك التحرير وبناء الدولة الصحراوية المستقلة على كامل ترابها الوطني.
وجاء تأسيس اللجنة الوطنية الصحراوية لحقوق الإنسان في هذا السياق، كلبنة مهمة في البناء المؤسساتي للدولة الصحراوية، القائمة على ركائز الحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية ودولة الحق والقانون والمؤسسات.
الأخوات والأخوة،
ولا شك أن اللجنة الوطنية الصحراوية لحقوق الإنسان، على غرار كل مكونات وهياكل ومؤسسات الدولة الصحراوية، تعمل في سياق استثنائي. فالشعب الصحراوي  ضحية لخرق سافر للقانون الدولي، من خلال احتلال المملكة المغربية بالقوة العسكرية لأجزاء من ترابه الوطني وارتكابها لأبشع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
ومن هنا، وبالإضافة إلى معالجة الملفات والقضايا ذات الاختصاص في الأراضي المحررة ومخيمات العزة والكرامة، فلا غرابة أن يتركز عمل اللجنة اليوم على ملف حقوق الإنسان الصحراوي، سواء  في الأجزاء المحتلة من الجمهورية الصحراوية وجنوب المغرب أو داخل المغرب نفسه، في المواقع الجامعية وغيرها.
إننا نتحدث عن سجل رهيب من الممارسات التي يندى لها الجبين، أقدمت عليها دولة الاحتلال المغربي، وصلت حد الشروع في عملية إبادة حقيقية، عبر التقتيل الجماعي بالحرق والدفن والرمي من الطائرات العمودية وبتسميم الآبار وبالرصاص والقنبلة بالنابالم والفوسفور الأبيض، المحرم دولياً، وتحت التعذيب في المعتقلات والمخابئ السرية. وتجلت تلك الانتهاكات أيضاً في حملات الاختطاف والاعتقال التعسفي والتعذيب داخل وخارج المخافر ومراكز الاحتجاز.
وإن التقارير والشهادات  الكثيرة لجمعيات ومنظمات ومراقبين مستقلين حافلة بأبشع الصور لتلك الانتهاكات التي لا تزال مستمرة، ليس أقلها ما تتعرض له النساء والأطفال والرجال والمسنين الذين يخوضون المقاومة السلمية،في خضم انتفاضة الاستقلال، من ممارسات مهينة للكرامة البشرية، عبر العنف الوحشي والضرب والسحل والتوقيف القسري والتضييق والحصار الخانق.
لقد حان الوقت ليقوم المجتمع الدولي بخطوات ملموسة وحاسمة لاستكمال تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية، آخر مستعمرة في إفريقيا. لا يمكن للأمم المتحدة أن تبقى مكتوفة الأيدي أمام انتهاكات صارخة للمبادئ والقيم التي يتأسس عليها ميثاقها وقراراتها، وخاصة حق الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة.لا يعقل أن ألا يكون لبعثة المينورسو مكون خاص بحماية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية ومراقبتها والتقرير عنها. بل لا يعقل أن تفرض على هذه البعثة قيود من طرف قوة الاحتلال المغربي لمنعها من التحرك والتواصل بحرية مع المواطنين الصحراويين الرازحين تحت نير الاحتلال والقمع والحصار. كما أن هذه مناسبة لنجدد مطالبة الاتحاد الإفريقي باتخاذ كل الإجراءات الضرورية لضمان احترام مقتضيات قانونه التأسيسي، بما فيها احترام الحدود الموروثة غداة الاستقلال ومضامين ميثاقه لحقوق الإنسان والشعوب.
وإننا، ونحن نحمل دولة الاحتلال المغربي المسؤولية عن كل هذه الانتهاكات، فإننا نطالب الأمم المتحدة بالتدخل العاجل لوقفها وإطلاق سراح معتقلي اقديم إيزيك وجميع المعتقلين السياسيين الصحراويين في السجون المغربية والكشف عن مصير أكثر من 651 مفقوداً صحراوياً جراء الاجتياح العسكري المغربي لبلادنا .
الأخوات والأخوة،
جانب آخر مهم في عمل اللجنة الوطنية الصحراوية لحقوق الإنسان يتجلى في الدفاع عن حقوق الشعب الصحراوي في ثرواته الطبيعية، إزاء ما تقوم به دولة الاحتلال المغربي من نهب مكثف ومتواصل لتلك الثروات.
وفي الوقت الذي نلح فيه على تدخل الأمم المتحدة لحماية حقوق وثروات شعبنا، فإننا ندين المساعي التي تتم على مستوى مفوضية الاتحاد الأوروبي، وتقف وراءها خاصة فرنسا وإسبانيا، لتمرير اتفاق يجمع الاتحاد مع المملكة المغربية ويشمل الأجزاء المحتلة من الصحراء الغربية.
إن هذه السلوكات تمثل عملاً مشيناً، لا قانونياً ولا أخلاقياً، ينتهك بشكل صريح وفاضح القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والقانون الأوروبي، وخاصة قرارات محكمة العدل الأوروبية. فهذه المحكمة خلصت، بلا لبس ولا غموض، إلى أنه لا سيادة للمغرب على الصحراء الغربية، وأن هذه الأخيرة بلد منفصل ومتميز عن المملكة المغربية، وأنه لا شرعية لأي استغلال لثروات الصحراء الغربية، براً وبحراً، أو لمجالها الجوي، إلا بموافقة الشعب الصحراوي، عبر ممثله الشرعي والوحيد، جبهة البوليساريو.
الأخوات والإخوة،
إرادة الشعب الصحراوي لم ولن تتزعزع في المضي قدماً في معركته المقدسة من أجل الحرية والكرامة، حتى بلوغ أهدافها النبيلة، والتتويج بالنصر المؤزر.
وإننا لنتوقف عند مجمل التطورات الإيجابية التي شهدتها القضية الوطنية خلال السنة المنصرمة، 2018، وما ميزها من انتصارات ومكاسب، تفتح المجال أمام سنة 2019 لتكون حافلة بالعمل المضني والمتواصل، على كل الأصعدة والجبهات.
واللجنة، وهي تشرع في عهدة جديدة، مطالبة بتكثيف الجهود، بالنظر إلى  حجم المسؤولية والدور المنوط بها في ميدان حقوق الإنسان، وعلى مستوى الجبهة القانونية والقضائية المحتدمة.
وفي هذه المحطة التي نعلن فيها اليوم نتصيب أعضاء اللجنة الوطنية الصحراوية لحقوق الإنسان، نسجلبارتياح الجهود المعتبرة التي بذلتها اللجنة، والمكانة المستحقة التي تبوأتها وطنياً وقارياً ودولياً. ونشيد في هذا الخصوص بعمل الأعضاء الذين غادروا اللجنة، مهنئين الفريق الجديد، ومتمنين له كل التوفيق والنجاحفي تطويرعملاللجنةعلى مستوى وطني وعلى مستوى الدفاععنحقالشعبالصحراويفيالمحافلالدولية،وفضحالانتهاكاتالجسيمةلحقوقالانسانالمرتكبة من طرف دولة الاحتلال المغربي.
قوة، تصميم وإرادة لفرض الاستقلال والسيادة . (واص)
090/105/500.