تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

رئيس الجمهورية، يستقبل أعضاء مكتب التنسيقية الأوروبية للتضامن مع الشعب الصحراوي(كلمة)

نشر في

بسم الله الرحمن الرحيم
 
السيدات والسادة أعضاء مكتب التنسيقية الأوروبية والدولية للتضامن مع الشعب الصحراوي
الحضور الكريم،
أود في البداية أن أعبر عن أحر الترحاب بكل الأشقاء والأصدقاء الممثلين للحركة التضامنية العالمية مع الشعب الصحراوي، والذين يتواجدون بين ظهران شعبنا لحضور  اجتماع مكتب التنسيقية  TASK FORCE. إننا نحيي هذه الوفود القادمة من الجزائر وأنغولا وبلجيكا ومصر وإسبانيا وفرنسا وغانا وإيطاليا ونيجيريا وجنوب إفريقيا والسويد وسويسرا.
أريد في هذه المناسبة السعيدة أن أرحب بأصدق عبارات الشكر والتقدير والعرفان  برفاق الدرب الذين واكبوا مسيرة كفاح الشعب الصحراوي منذ بداياتها  الأولى، وامتشقوا سلاح التضامن،فمنهم من قضوا ومنهم من لا يزالون يواصلون معنا، بصبر وإصرار، حتى أصبحوا اليوم جزءاً لا يتجزأ من كفاح الشعب الصحراوي، الذي سيخلدهم في تاريخه ووذاكرته الجماعية إلى الأبد.
واستسمحكم لأذكر بعض الأسماء الحاضرة معنا هنا، من أمثال ببير غالان، وكرميلو راميرث و بيبي تابواذا وكريستيان بيريغو وريجين فيلمون ولويس غاراي وكارميلو باريوس ولوتشيانو أرديسي. كما أتوجه بالتحية إلى السيد فرانشيسكو باستاللي.
كما لا يفوتني أن أحيي تحية خاصة الجزائر الشقيقة، برئاسة فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، والتي قدمت أروع الأمثلة في الالتزام بموقف مبدئي، منسجم مع الشرعية الدولية، جسدته في الدعم والتضامن مع كفاح الشعب الصحراوي، والتي يمثلها وفد كبير، من غرفتي البرلمان ومن اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي، بشخصيات مثلعبد الحميد السي عفيف، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس الشعبي الوطني، والسيد الواد محمد، عن مجلس الأمة، والدكتور سعيد العياشي وبقية الأخوات والإخوة.
كما أحيي بحرارة الوفود الإفريقية الحاضرة معنا اليوم، والتي يشكل حضورها في هذا الاجتماع قيمة مضافة، فهي تحمل معها موقفاً إفريقيا ثابتاً، يقضي باحترام المبادئ المؤسسة للمنظمة القارية والقانون التأسيسي للاتحاد، بمختلف بنوده، وفي مقدمتها استكمال تصفية الاستعمار من القارة وضمان حق الشعوب في تقرير المصير، واحترام الحدود الموروثة غداة الاستقلال.
السيدات والسادة،
تعقدون اجتماعكم لـ TASK FORCE، الأول لسنة 2018 في ضيافة الشعب الصحراوي الذي يعتز ويفتخر بهذا التشريف باحتضان هذه الطبعة التي تأتي في سياق تنفيذ ومتابعة مقررات ندوة التنسيقية، أكبر محفل تضامني مع الشعب الصحراوي، المنعقدة شهر أكتوبر المنصرم في فرنسا.
إننا نرحب بكم مجدداً ونحن على ثقة بأن أشغالكم ستكلل بالنجاح، وستعطي دفعة نوعية لكفاح الشعب الصحراوي، الذي هو كفاحكم، لأننا جميعاً ندافع عن نفس القيم المشتركة، المجسدة في حق الشعوب في الحرية والسلام والعدالة وتقرير المصير.
لا بد أنكم، من خلال لقاءاتكم مع مختلف السلطات والمواطنين الصحراويين، قد وقفتم على حجم المعاناة التي يكابدها الشعب الصحراوي ولكن، في الوقت نفسه، قد أدركتم أن هذا الشعب الطيب، الذي استقبلكم بحفاوة وسعادة، يتمسك بإرادته الراسخة في تحقيق مطالبه العادلة والمشروعة.
السيدات والسادة،
نحن اليوم في مرحلة متقدمة من كفاح الشعب الصحراوي، وأنتم بلا شك تتابعون عن كثب مختلف التطورات التي تشهدها القضية الصحراوية. وقد شهدت سنة 2017 سلسلة من الانتصارات المهمة للقضية الصحراوية، وتعززت مكانة الجمهورية الصحروية داخل الاتحاد الإفريقي، ما تجلي في مشاركتها، جنباً إلى جنب مع المملكة المغربية، في قمة الشراكة الأفروأوروبية في العاصمة الإيفوارية أبيدجان.
وعلى صعيد الأمم المتحدة، شكل تعيين المبعوث الشخصي الجديد للأمين العام للأمم المتحدة، في شخص الرئيس الألماني الأسبق، هورست كوهلر، تطوراً جديداً، نأمل أن يساهم مساهمة فعلية في إنهاء حالة الجمود التي يشهدها مسار التسوية، وخاصة إنهاء ممارسات التعنت وانتهاك حقوق الإنسان ونهب الثروات الطبيعية التي ترتكبها دولة الاحتلال المغربي. وإن الانتهاك المغربي الصارخ لاتفاق وقف إطلاق النار والاتفاقية العسكرية رقم 1، على مستوى منطقة الكركرات، يشكل تحدياً واضحاً لجهود الأمم المتحدة وفرض تطبيق قراراتها، بما فيها قرار مجلس الأمن الأخير 2351.
وفي هذا السياق بالذات، ونحن ننقل بحضوركم وباسمكم رسالة الدعم والتضامن مع جماهير الشعب الصحراوي في الأرض المحتلة وجنوب المغرب والمواقع الجامعية، نطالب بالتعجيل بإطلاق سراح معتقلي اقديم إيزيك وجميع المعتقلين السياسيين الصحراويين في السجون المغربية، ونقلهم فوراً إلى بلادهم، الصحراء الغربية، طبقاً لمقتضيات القانون الدولي الإنساني.
وعلى مستوى الاتحاد الأوربي، يمكننا القول أن هناك تطورات مهمة، يعكسها التعاطي على مستوى المحاكم الأوروبية، والتي كان من آخر تجلياتها استنتاجات المحامي العام لمحكمة العدل الأوروبية يوم 10 يناير المنصرم، بعد قرار المحكمة نفسها في 21 ديسمبر 2016. لقد كانت الحجج دامغة والأدلة قاطعة والنصوص القانونية الدولية لا جدال فيها. ومع ذلك نجد، مع الأسف الشديد، من يستخفبالمجهود القانوني لخبراء ومختصين، يمثلون نخبة الفكر والحضارة الأوروبية، وما تحمله من قيم العدالة والنزاهة والشفافية، ويعمد إلى تصويره على أنه مجرد مناورات سياسية أو مضاربات اقتصادية. إنه لمن الصعب تصديق أن يكون هناك في أوروبا اليوم من يسعى لافتراس القيم وتدمير الأخلاق وتحطيم المبادئ وانتهاك الشرعية.
فالموقف الأوروبي المنطقي والمعقول والمسؤول هو ذلك المدافع عن حق الشعب الصحراوي، غير القابل للتصرف، في تقرير المصير والاستقلال.
إن حكم المحكمة الأوروبية واستنتاجات محاميها العام إنما تؤكد أن الوجود المغربي في الصحراء الغربية هو مجرد احتلال عسكري لا شرعي، وأن أي اتفاق معه يمس ذلك البلد، المنفصل والمتميز عن المملكة المغربية،هو باطل قانوناً. ومن هنا، فأي محاولة اليوم لتبرير التعامل الأوروبي مع دولة الاحتلال المغربي بما يمس حقوق الشعب الصحراوي وسيادته على بلاده وثرواتها الطبيعية، إنما هو إمعان في الاعتداء على شعب مظلوم، وانتهاك لمبادئ القانون الأوروبي والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
إن كفاح الشعب الصحراوي هو، قبل كل شيء، من أجل استتباب الاستقرار والسلام الحقيقي، العادل والدائم. ولكنه يدرك تماماً، وهذا قاسم مشترك بينه وبين شعوب أوروبا والعالم، بأن الاستقرار الحقيقي لا يكون إلا بفرض احترام ميثاق وقرارات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي.
الشعب الصحراوي، عبر ممثله الشرعي والوحيد، جبهة البوليساريو، هو الطرف الذي يجب التعاطي معه، ونحن مستعدون دائماً للتباحث مع المؤسسات الأوروبية ومع البلدان الأوروبية، في سياق يحترم الشرعية الدولية أولاً، ويراعي المصالح المشتركة ثانياً.
اختتم بأن أهنئكم جميعاً بمناسبة حلول السنة الجديدة 2018، وهي بقدر ما تشير إلى دخول سنة جديدة من معركة الشعب الصحراوي من أجل الحرية، من معاناته وتضحياته، بقدر ما تؤكد بأن مسيرته ماضية بثبات نحو انتزاع حقوقه. هي إذن سنة حافلة بالتحديات الكبيرة والكثيرة والشعب الصحراوي سيعول عليكم وسيحتاج إلى مرافقتكم، وهو كله ثقة في تضامنكم ودعمكم السخي، حتى بلوغ النصر النهائي، باستكمال سيادة دولته، الجمهورية الصحراوية، على كامل ترابها الوطني.
مرحباً وأهلاً وسهلاً بكم بين ظهران شعبكم، ولكم كل التوفيق والنجاح. نتمنى لكم رحلة سعيدة، ويمكنكم أن تذهبوا وأنتم على ثقة مطلقة بأن الشعب الصحراوي سوف يمضي إلى النصر الحتمي، مهما كلفه ذلك من ثمن.
قوة، تصميم وإرادة، لفرض الاستقلال والسيادة، والسلام عليكم(واص).
090/97                                                                                                                                         .