تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

القضية الصحراوية تفتح ثغرة واسعة وعميقة في أوروبا، آخر معقل للمغرب (مقال تحليلي)

نشر في

هيئة تحرير وكالة الأنباء
الشهيد الحافظ 19 سبتمبر 2016 (واص) - إن حق الشعب الصحراوي تم تكريسه مرة أخرى ، وفي واضحة النهار ، من خلال الاستنتاجات القانونية التي توصل إليها المحامي العام للمحكمة العليا للاتحاد الأوروبي، السيد ميلشيور واتليت، عندما أكد، من جهة، أن الصحراء الغربية ليست إقليما مغربيا ، ومن جهة أخرى بأن دول الاتحاد الأوروبي لم تعترف بالأطروحة المغربية التي تزعم بوجود سيادة على بلدنا. لقد وجه القاضي طوربيدين في اتجاه خط إبحار الأطروحة التوسعية المغربية.
هذه الأطروحة هزيلة منذ بدايتها بفعل رأي محكمة العدل الدولية ، والجريحة جرحا قاتلا سنة 1984 بقبول الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في منظمة الوحدة الإفريقية وحاليا في الاتحاد الإفريقي .
 في الواقع، استنتاجات القاضي واتيليت ليست بالشيء الجديد فيما يخص المنظومة الدولية، الممثلة في الأمم المتحدة وفي قارتنا بالاتحاد الإفريقي، اللذين يعتبران المغامرة الاستعمارية المغربية انتهاكاَ سافراً للقانون الدولي.
لكن الجديد يتمثل في أن الطوربيدين المذكورين آنفا ، تم إطلاقهما من قاعدة لا زال المغرب حتى ديسمبر 2015 يعتقد أنها شيدت على منصة آمنة وأرضية خصبة، تضمن استمرار الموقف الأوروبي الصامت والتواطؤ غير المبرر مع تجاوزات "شريكه" في شمال إفريقيا.
إن الاتحاد الأوربي أبحر عكس اتجاه مبادئه المؤسسة، ليدير ظهره عن احتلال همجي أدى الى ما عـرَّفه قاض أوروبي آخر، هو السيد روث من المحكمة الوطنية بمدريد، بالإبادة الجماعية ضد الشعب الصحراوي .
إن الاتحاد الأوروبي أغمض عينيه أمام الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في الصحراء الغربية، وتورط في نهب الثروات الطبيعية لبلادنا من خلال اتفاقات الزراعة والصيد البحري مع المغرب. إنه غطاء من العار أن يلقي بثقله على كاهل هيبة وسمعة الاتحاد الأوروبي.
إن قرار جبهة البوليساريو في فتح أبواب أوروبا من أجل خوض معركة قانونية ، يكون ذات أهمية كبيرة وانعكاسات مهمة من أجل نزع القناع عن  شهر العسل الأوروبي المغربي الذي طال أمده ، أعطى أولى نتائجه في ديسمبر 2015، عندما قررت محكمة العدل في لوكسمبورغ وضع حد للاتفاقات الموقعة من طرف الاتحاد الأوروبي مع المغرب ، لأنها تشمل الثروات الطبيعية الصحراوية ؛ فالقوة المحتلة غير مؤهلة قانونيا لاستغلالها.
بنفس الطريقة التي حاول بها المغرب، دون جدوى، وخلال عقود، تغيير محتوى قرارات الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي حول الصحراء الغربية ، فإنه حاول مرة أخرى تحييد محكمة لوكسمبورغ وتحريف المعنى والنتائج ، من خلال طعن تقدمت به اللجنة الأوروبية وصديقتا المغرب "فرنسا وإسبانيا" والسعي لتحويلها إلى استنتاجات تدعم سيادته المزعومة على بلادنا التي قدم شعبها للعالم بأسره ، وبصفة خاصة للاتحاد الأوروبي، براهين واضحة وجلية على أن كفاحه العادل من أجل الاستقلال الوطني لا يسقط بالتقادم، كما أثبت نضجه وتحليه بروح المسؤولية السياسية في البحث عن حل سلمي، عادل ودائم، في آخر بؤرة استعمارية في إفريقيا، مدرجة على جدول أعمال الأمم المتحدة.
هذه المحاولة المغربية حصدت نتائج عكسية ؛ لقد أظهرت للعلن ما كان المغرب يخفيه وهو عدم شرعية تواجده في الصحراء الغربية وفشل كل الجهود والتي ليست بالقليلة التي بذلها المغرب على مستوى دولي لأجل تكريس احتلاله للصحراء الغربية.
إن المحامي العام، من خلال تأكيده بشدة على أنه لا يوجد أي بلد في الاتحاد الأوربي يعترف بالمزاعم المغربية على وجود "سيادة" على الصحراء الغربية ، وأن الإقليم لا يشكل جزءاً من المغرب" ، يكرس من جديد مبدأ الشرعية على مسألة تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية الذي تم التأكيد عليه مرارا من طرف الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.
المغرب حصد نتائج عكسية وخيمة، سياسيا ودبلوماسيا، تكرست بمقتضى نصوص قانونية جيدة التأسيس، وفي مكان كان يـُعتبر بمثابة حديقته الخلفية المحروسة من طرف فرنسا التي حصرت نفسها في هذه الحالة ، في دور "محمية مغربية".
الشعب الصحراوي خاض معركة تحريرية مشروعة على الأرض للدفاع عن حقه في الوجود ضد الجيش الغازي المغربي، حتى أرغمه على الاحتماء وراء حزام عسكري طويل، أقيم تماشيا مع هزيمته العسكرية وعن استحالة الحسم العسكري. إذا كان المغرب عبر خلق توتر جديد في منطقة الكركرات يريد أن يمتحن القيادة السياسية الجديدة، فإن قراءة النتائج التي تركتها الأحداث لا يجب أن تترك هامشا لأخطاء في التقدير.
وفي نفس الوقت ، فإن الشعب الصحراوي حمل رسالته إلى القارات الخمسة من خلال معركة دبلوماسية صعبة ومكلفة والتي قد لا يتم التقدم فيها أحيانا في نفس الاتجاه. ومع هذا فإن النتائج بادية للعيان، إفريقيا طردت المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية ، وإرادة الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي ليست بالأمر الهين ولا الممتع ، على غرار ما كان يقول الإمبراطور الروماني قيصر "وصلت ، شاهدت وانتصرت".
لقد تمكنا من ضمان شرعية كفاحنا الوطني التحريري في منظمة الأمم المتحدة وترسيخ حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال كمرجع أساسي في البحث عن حل عادل ودائم للنزاع.
لقد تمكنا منذ سنة 1979 ، من جعل الأمم المتحدة تعتبر المغرب مجرد " قوة احتلال عسكري"، تكررت المطالبة بانسحابها في كثير من القرارات الأممية كالقرار 3437(1979)، والقرار3519(1980).
وتم تكريس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب كممثل شرعي ووحيد للشعب الصحراوي. كما تم إدراج قضية شعبنا في جدول أعمال كل الهيئات الدولية كدليل على فشل أطروحة " الملف المطوي ".
في هذا الإطار ، المغرب يريد توجيه الأنظار إلى نقاط جغرافية أخرى ، فهو منذ سنوات يريد حصد شيء ما في الكاريبي. ومن خلال تقنيات متطورة في الفساد ذات المدى القصير، يمكن الحصول اليوم أو غداً ، على توقيع بيان بسحب الاعتراف بالجمهورية الصحراوية من طرف بلد كاريبي أو حتى إفريقي، لكن ذلك لا يغير من المعادلة شيئاَ. فهذه التقنيات التي استعملت من مكتب من نيويورك وآخر في أستراليا ، كان لها تأثير محدود في بعض الدول الصغيرة جغرافيا في الكاريبي والمحيط الهادي، في بلدان تعيش وضعيات اقتصادية صعبة وتستحق تضامناً شريفاً من طرف المجتمع الدولي.
المغرب يقدم "تفهمه" المغلوط للتضامن تحت غطاء تقديم منح دراسية ، أو إنجاز لا يرى النور أبداً لمشاريع بناء مدرج لمطار أو لفندق في جزيرة في منطقة موبوءة بالبعوض ، لا زال إلى اليوم يعاني مستسلماً للرطوبة الكاريبية أو مساهمة مالية تقدر بـ 200 ألف دولار إلى مليون في الميزانية السنوية لعدد من دول الكاريبي ، يـُجهل ما إذا كانت توجه إلى الميزانيات أو ينتهي بها الأمر في جيوب أحدهم.
تقنية الفساد هذه طبقت وبنتائج محدودة في نقاط أخرى من العالم، وخاصة في إفريقيا وأوروبا، بدعم فاضح من بعض الممالك والإمارات في منطقة الخليج، وخاصة في آسيا. كل هذا معروف وبتفاصيل أكثر من كافية، وفي بعض الحالات يكون الهدف بعض الموظفين من الدرجة الوسطى في مؤسسات دولية مثل أولئك اللذين يعملون في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (ACNUR)، أوفي المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان(ACUNDH).
المغرب يعرف أن كل هذه المحاولات لن تجني فائدة تذكر ، فهذا "الدعم" المقدم لا يعكس انخراطاً في أطروحة التوسع المغربية في الصحراء الغربية، وبالتالي فهو فساد، وحيلته ضعيفة، وليست له ضمانات في الاستمرار. إذ أنه حين يتم الاعتراف ببلد ما، لا يمكن " سحب الاعتراف" منه بعد ذلك. معلوم أيضاً أن الموظفين المتورطين في مثل هذه الأعمال يمكن استبدالهم أو تقديمهم للتحقيق.
في كل الحالات، فإن الجوهر لا يتغير ، إذ أن سحب الاعتراف لا يعني إلغاء إمكانية العودة إلى الاعتراف بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية أو استئناف العلاقات الدبلوماسية مع الدولة الصحراوية. وهناك أمثلة بالغة الدلالة بهذا الخصوص. يقوم البعض بسحب الاعتراف ثم يذهبون ويذهب معهم المقابل، فيما يعيد آخرون الأمور إلى نصابها بإعادة الاعتراف، ومعه تعود المصداقية إلى بلدانهم.
كل ما يحصل إذن هو أن المغرب يخسر في المحاولة، ويعمل الموظفون المختصون بتقنيات الفساد على خداع شعبهم بتقديم ذلك على أنه انتصار للدبلوماسية المغربية.
في النهاية، يتأكد أن الأمر لا يتعلق بإقناع بلد من الكاريبي أو من المحيط الهادي بشكل مؤقت، إنما الأمر يتطلب إقناع الشعب الصحراوي والمجتمع الدولي، من خلال استفتاء تقرير مصير حر، عادل ونزيه، التزم به المغرب رسيماً أمام العالم ؛ هذه هي الخلاصة من الموقف الذي عبر عنه القاضي الأوروبي واتليت ، هذا هو السبيل الوحيد ، الجدي والحاسم لإنهاء النزاع. ما عدا ذلك، وخاصة تقنيات الفساد، هو سباحة عكس تيار التاريخ.
(واص) 090/500/011/102 ترجمة من الإسبانية
وكالة الأنباء الصحراوية.