تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

"الشعب الصحراوي لازال ينتظر بصبر أن تتحمل الأمم المتحدة مسؤولياتها بتمكينه من حقه في الحرية والاستقلال" (رئيس الجمهورية)

نشر في

أوسلو (النرويج)، 15 مارس 2016(واص) – أكد رئيس الجمهورية، الأمين العام لجبهة البوليساريو السيد محمد عبد العزيز أن الشعب الصحراوي لازال ينتظر بصبر أن تتحمل الأمم المتحدة مسؤولياتها بتمكينه من حقه في الحرية وتقرير المصير.
 
جاء ذلك في كلمة أثناء تسلمه جائزة "بليز برايز"  قرأها نيابة عنه وزير التعاون السيد بلاهي السيد، معتبرا قضية الصحراء الغربية قضية دولية واضحة وبسيطة؛ فهي قضية تصفية استعمار تحل عبر تطبيق مبدأ تقرير المصير.
 وفيما يلي نص الكلمة:
السيدات والسادة، 
أود أن أعبر عن عميق الشكر والتقدير على الدعوة الكريمة التي تفضلتم بها لحضور تسليم جائزة «The Please Prize " في نسختها الأولى. كما أعبر عن شديد الاعتذار عن عدم تمكني من التواجد شخصياً، لظروف طارئة، ولكني كلفت السيد بلاهي السيد، وزير التعاون في حكومة الجمهورية الصحراوية، كممثل شخصي لنا في هذه الفعالية المتميزة.
لقد تتبعت باهتمام نشاط منظمتكم الموقرةSAIH، وأود أن أسجل باعتزاز تركيزها على إحلال السلام العادل، وتشبثها بالجهود النبيلة الرامية إلى تطبيق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني في العالم.
قضية الصحراء الغربية قضية دولية واضحة وبسيطة؛ تصفية استعمار تحل عبر تطبيق مبدأ تقرير المصير، مسجلة على هذا الأساس في الأمم المتحدة منذ ستينيات القرن الماضي. وقد كان الشعب الصحراوي ضحية مؤامرة دنيئة قامت بها القوة الاستعمارية الإسبانية سنة 1975، بتقسيم الأرض والسكان بين مستعمرين جدد.
وقد فـُـرض على الشعب الصحراوي خوض حرب ضروس ضد غزو مغربي وحشي شرع في محاولة إبادة حقيقية، باستخدام أبشع أساليب التقتيل الجماعي، بالرصاص والحرق والدفن والرمي من الطائرات العمودية، وصولاً إلى القصف بقنابل النابالم والفوسفور الأبيض المحرمة دولياً.
تلك الجريمة فرقت الشعب الصحراوي بين مخيمات اللاجئين على الحدود الجزائرية الصحراوية، في ظروف مناخية ومعيشية قاسية، أو تحت الاحتلال والقمع والحصار المغربي، أو في الشتات في دول الجوار والعالم.
الشعب الصحراوي، بقيادة جبهة البوليساريو، انخرط بكل جدية وتعاون في خطة التسوية الأممية الإفريقية لسنة 1991، القاضية بتنظيم استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي. لكن الأمم المتحدة، رغم أنها أعدت لوائح المصوتين، لم تنفذ تعهدها إلى اليوم، فيما أعلن ملك المغرب سنة 2004 رفضه للاستفتاء، وبالتالي التنصل من التزاماته الدولية.
هذا الجمود الظالم، والذي تدعمه قوى دولية، على رأسها فرنسا، يترافق مع ارتكاب قوات الاحتلال المغربي لانتهاكات جسيمة في حق المدنيين الصحراويين العزل الذين لا يطالبون سوى بتطبيق ميثاق وقرارات الأمم المتحدة. هذه الانتهاكات مسجلة لدى المنظمات المعنية بحقوق الإنسان، بما فيها المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، التي أكدت أنها تعود جميعها إلى انتهاك الحق الإنساني الأساسي الأول : الحق في تقرير المصير.
سنة 2010 داهمت قوات الجيش المغربي مخيم اقديم إيزيك الاحتجاجي السلمي الصحراوي قرب مدينة العيون الصحراوية المحتلة، وتسببت في ضحايا وأضرار وقامت بعمليات قمع واعتقال واسعة، وقدمت مجموعة من المدنيين الصحراويين أمام محكمة عسكرية، حكمت عليهم ظلماً بأحكام تتراوح بين 20 سنة والمؤبد. ولا زال هؤلاء إلى اليوم في زنازن السجون المغربية، فيما تخوض مجموعة منهم إضراباً مفتوحاَ عن الطعام احتجاجاً على هذا الاعتقال الظالم.
 
كما أن سلطات الاحتلال المغربي تفرض حصاراً خانقاً على الأراضي المحتلة من الجمهورية الصحراوية، ينضاف إلى الجريمة ضد الإنسانية التي يجسدها الجدار المغربي، أطول جدار فاصل في العالم، على طول 2700 كلم، مدجج بملايين الألغام، بما فيها المضادة للأفراد، المحرمة دولياً، ويقسم الصحراء الغربية، أرضاً وشعباً، ويزرع الموت والدمار للإنسان والحيوان والبيئة.
السيدات والسادة،
دولة الاحتلال المغربي تهدد السلم والاستقرار بانتهاجها التوسع والاعتداء على الجيران وإغراق المنطقة بالمخدرات، كأكبر منتج ومصدر لمخدر القنب الهندي في العالم، ودورها الحاسم في تشجيع عصابات الجريمة المنظمة والجماعات الإرهابية.
ملك المغرب يخشى الاستفتاء لأنه يخشى الديمقراطية، ويخشى الديمقراطية لأنه يخشى الحقيقة. ولكي تحول دون انكشاف حقيقتها كقوة احتلال عسكري وحشي ولا شرعي، تقوم دولة الاحتلال المغربي بشكل ممنهج بطرد عشرات المراقبين الدوليين المستقلين، المتجهين إلى الأراضي الصحراوية المحتلة، ومنظمتكم شاهدة على عمليات الطرد الجماعية المتكررة، بما فيها تلك التي تعرض لها شباب نرويجيون ومن جنسيات أخرى أوروبية وأمريكية.
لقد أكد الأمين العام للأمم المتحدة في زيارته الأخيرة لمخيمات اللاجئين الصحراويين والأراضي الصحراوية المحررة بأنه لا بد من تحرك دولي جدي لإنهاء مأساة الشعب الصحراوي. ليس هناك ما يبرر هذا الواقع المؤلم لشعب يؤمن بالسلام والحرية والديمقراطية والمساواة والتسامح والتعايش بين الثقافات، ويجسد عامل توازن واعتدال واستقرار في المنطقة.
ورغم أن الكفاح المسلح حق مشروع للشعوب المستعمرة، فإن الشعب الصحراوي لا يزال  ينتظر بصبر أن تتحمل الأمم المتحدة مسؤولياتها، بتمكينه من حقه في الحرية والاستقلال، وهو يتبنى مقاومة سلمية حضارية في الأراضي المحتلة، بعيداً عن كل أشكال العنف والتطرف. وهو اليوم يطالب المجتمع الدولي بكل مكوناته، بما فيها منظمتكم الموقرةSAIH، بممارسة الضغوط اللازمة على دولة الاحتلال حتى تتوقف عن هذا التعنت.
لا بد من إطلاق حملة دولية لرفع الحصار المغربي المفروض على الأراضي الصحراوية المحتلة وحماية المينورسو لحقوق الإنسان فيها، وللإفراج عن معتقلي اقديم إيزيك وجميع المعتقلين السياسيين الصحراويين في السجون المغربية، ووقف النهب المغربي للثروات الطبيعية الصحراوية، وإزالة جدار الاحتلال المغربي، والكشف عن مصير أكثر من 651 مفقوداً صحراوياً لدى الدولة المغربية.
في سنة 2006، قررت جنوب إفريقيا الاعتراف بالجمهورية الصحراوية كرد مباشر على رفض المغرب إجراء استفتاء تقرير المصير. الدولة الصحراوية، كتعبير ميداني عن إرادة الصحراويين، هي اليوم عضو مؤسس في الاتحاد الإفريقي، بعد أن اعترفت بها أكثر من 80 دولة في العالم. إننا ندعو النرويج وبقية دول العالم لتحذو حذو جنوب إفريقيا لأننا واثقون، أمام تعنت الطرف المغربي، أن الاعتراف بالدولة الصحراوية، ودعم عضويتها في الأمم المتحدة، يمثل واجباً قانونياً وأخلاقياً، وسبيلاً مناسباً لفرض تطبيق مقتضيات الشرعية الدولية، ودعماً للسلام والاستقرار في المنطقة والعالم.
أجدد الشكر على الدعوة الكريمة وأثمن عمل منظمةSAIH في دعم الشعب والطلبة الصحراويين ومشاركتها في الحملة من أجل إنهاء نهب الثروات الطبيعية في الصحراء الغربية.
 تمنياتي لكم بالتوفيق والنجاح.(واص)
090/105.